تحقيق حال جابر الجعفي (الحلقة الثالثة)

احدث المقالات

PDF
نص المقال

 

 

تحقيق حال جابر الجعفيّ

(الحلقة الثالثة)

 

 

الشيخ محمّد الجعفريّ (دام عزّه)

 

 

يعدّ جابر  بن يزيد الجعفي من مشاهير  علماء الكوفة، وقد تتلمذ على مشاهير  علماء الأمصار  من التابعين، وأخذ عنه مشاهير  العلماء كأبي حنيفة ـ  صاحب المذهب المعروف ـ وسفيان الثوري. 

ولم تختص معارف جابر بالفقه، بل شملت التفسير وعلوم القرآن الأخرى، والعقائد والفضائل والأخلاق والتاريخ، ومن ثَمَّ ذكر الذهبي في ترجمته أنَّه أحد أوعية العلم، وقد نقل الكشي حكاية في ترجمة يونس بن عبد الرحمن أنَّ علم الأئمّة i انتهى إلى أربعة أحدهم جابر بن يزيد الجعفي.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كان الكلام في الحلقتين الأوَّليين في جهات حول شخصية التابعي المشهور جابر ابن يزيد الجعفي، وكانت الجهة الأخيرة في العلاقة بين جابر والغلاة، وهي تتضمن محورين، الأوَّل: مقدمة حول الغلوّ وعلاقة جابر بالغلاة، والآخر ـ الذي وصل الكلام إليه ـ هو:

الآثار المنسوبة إلى جابر الجعفي عند الغلاة:

إنَّ آثار جابر عند الغلاة لا تنحصر بالضرورة فيما يتضمن غلوّاً واضحاً في شأن أئمة أهل البيت i، بل قد يكون فَهْم هذا الانتماء من جهة أنْ يكون مضمون الرواية من سنخ تلفيقات الغلاة وأسلوب وضعهم، وذلك لأنَّ للغلاة ـ كما لبعض الصوفية والفلاسفة الإشراقيين، أو الموصوفين بالعرفان النظري ـ نمطاً من التلفيق الفكري الخاص ممَّا يعدّونه ضرباً راقياً من المعرفة، كما أنَّ كثيراً من الخوارق التي يروونها هي على نمط خاصّ يغاير المعهود لدى عامّة المسلمين والشيعة عن النبي e وأئمة أهل البيت i كما يظهر ذلك جلياً لمن لاحظ رسائلهم التي بقي شيء غير قليل منها محفوظاً في ضمن التراث العلوي منسوباً إلى مشاهير الموصوفين بالغلوّ في علم الرجال لدى الشيعة. 

وقد يتوقع تسرب جملة من الأخبار التي وضعها أهل الغلوّ والتخليط عن جابر إلى بعض مصنفات الإمامية ممَّا كان طريقه عمرو بن شمر، ويونس بن ظبيان، ومحمَّد بن سنان، وعبد الرحمن بن عبد الله الأصم، ومحمَّد بن الحسن بن شمون، ومحمَّد بن علي أبو سمينة وغيرهم.

وهذا أمر طبيعي بالالتفات إلى تستر كثير من الغلاة على ما يكون صريحاً في الغلوّ عن عامّة الرواة، بل يكون من الأسرار التي يلقونها إلى خاصتهم، كما نجد أنَّ الخصيبي
ـ مثلاً ـ ألّف الهداية الكبرى ـ القسم المتعلّق بالأئمة ـ بما يناسب ـ في الغالب ـ الفكر الشيعي العامّ، ولكن من دقّق في حيثياته، أو لاحظ سائر مصنفاته كالرسالة الراستباشية يجده يصرح بتأليه أمير المؤمنين g والالتزام بتناسخ الأرواح، وحليّة المحرمات لأهل المعرفة وغير ذلك.

وكذا نجد الحسن بن شعبة الحرّاني صاحب تحف العقول ألّف كتابه هذا ـ على العموم ـ مقتصراً على ما يكون مقبولاً لدى عموم الشيعة الإمامية.

ولكنّه في مصنفات أخرى له محفوظة لدى العلويين تبنّى بنحو صريح مبادئ الغلاة، ويرى لزوم الحفاظ على الظاهر مع عامّة الناس.

وينقسم ما يرويه الغلاة عن جابر إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: أخبار ذات مضامين معهودة في التراث الإمامي المعتبر ممَّا يخلو عن شوائب الغلوّ والتخليط.

وهذه قد استخرجها الغلاة من كتب الإمامية ـ التي يعدّونها من المؤلفات في الظاهر ـ ولكن عرضوها إمَّا في المصنفات التي ألّفوها لمقام الظاهر، أو وجهوها إلى عقائدهم الباطنة التي يعتبرونها من الأسرار بشيء من التوجيه والتأويل، وربما جعلوا بعضها، لأنَّ نسبة الروايات إلى هؤلاء الذين يغالي فيهم الغلاة أحبّ من نسبتها إلى عامّة الشيعة من أهل الظاهر مثل زرارة، وأبي بصير، وعبد الله بن أبي يعفور.

ولعلَّ من جملة المجموعة الأولى ما أورده الحسن بن شعبة في تحف العقول في غرر الروايات الواردة عن الباقر g، وهي روايتان عن جابر الجعفي كلتاهما ذات مضامين راقية:

الأولى: وصية الإمام الباقر g لجابر حيث جاء فيها: (يا جابر اغتنم من أهل زمانك خمساً: إنْ حضرتَ لم تُعرَف. وإنْ غِبتَ لم تُفتَقد. وإنْ شهدتَ لم تُشاوَر. وإنْ قَلتَ لم يُقبَل قولك.وإنْ خَطبتَلم تُزوَج.وأوصيك بخمس:إنْ ظُلمتَفلا تَظلِم.وإنْ خانوك فلا تَخُن. وإنْ كُذبتَ فلا تغضب. وإنْ مُدحتَ فلا تفرح. وإنْ ذُممتَ فلا تجزع...)(١).

وهذه الوصية لم نعثر عليها في كتب الإمامية، ومضمونها حسن، إلَّا أنَّ بعض تعابيرها أشبه بتعابير العلماء من أسلوب تعبير الروايات مثل قوله: (إنَّ المؤمن معنيٌ بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله فينتعش، ويقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف).

والأخرى: كلام آخر منه g لجابر حيث جاء فيه: (خرج يوماً وهو يقول: أصبحت والله يا جابر محزوناً مشغول القلب، فقلت: جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك، كل هذا على الدنيا؟ فقال g: لا يا جابر، ولكنْ حزن هَمِّ الآخرة، يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان شغل عمّا في الدنيا من زينتها، إنَّ زينة زهرة الدنيا إنَّما هو لعب ولهو وإنَّ الدار الآخرة لهي الحيوان. يا جابر إنَّ المؤمن لا ينبغي له أنْ يركن ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا. وأعلم أنَّ أبناء الدنيا هم أهل غفلة وغرور وجهالة وأنَّ أبناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون...)(٢).

وهذه الرواية نقلها الكليني بإسناده في الكافي عن محمَّد بن يحيى، عن أحمد بن محمَّد ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي عبد الله المؤمن، عن جابر(٣).

المجموعة الثّانية: الروايات التي تتضمن الغلوّ والتخليط، أو تكون مريبة.

ومنها روايات مفردة قصيرة ممَّا يكون اسطراً عدة أو بمقدار صفحة. وهذا ممَّا يسهل تتبعه بملاحظة كتب الغلاة.

ومن الكتب القديمة للغلاة ـ حسب ادعائهم ـ ما يؤْثَر لديهم عن المفضل بن عمر ـ وهو في طبقة تلامذة جابر تقريباً وروى عنه حسب أسانيدهم مكرراً ـ وقد تضمن غير واحد من الآثار المنسوبة إليه ذكر جابر والرواية عنه.

ولنذكر مثالين منها:

١. كتاب الحجب والأنوار.

وهذا الكتاب من الكتب المنسوبة إلى المفضل بن عمر، إلَّا أنَّ فيه روايات عن آخرين من معاصريه، أو تلامذته وغيرهم ممّن لم تعهد روايته عنهم، ومنها قطعة عن جابر بعضها سأل هو عنه، وبعضه عن الباقر g، وبعضه عن الصادق g، وأوله: (وقد روي عن جابر لما سئل عن قوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فأطرق إلى الأرض، ثُمَّ رفع رأسهإلى السائل،قال: أنبئكأنَّ الله خاطب الناسبالتين المأكولوالزيتون المعصور! بل ذلك اسم الحسن والحسين، وطور سنين هي فاطر المقدسة التي ما فيها كدر، وهذا البلد الأمين عنى به مكة ويعلمون أنَّه غير أمين بل يشرب فيه الخمر ... ولكنَّ الإيمان والأمن حبّ آل محمَّد ...)(٤).

٢. كتاب الهفت الشريف، أو الأظلة والأشباح.

وقد ذكر في مقدمته أنَّ هذا الكتاب عن المفضل بن عمر الجعفي، وهو أصل كل رواية باطنة عن أبي عبد الله g، وأنَّ لفظ أوَّل الحديث عنه وعن آخرين ذكروا من أصحاب الأئمة i... (وجابر الجعفي وكان قد رزقه جعفر العلم رزقاً)(٥).

وقد جاء في ضمن الكتاب: (قلت: يا مولاي يروى عن جابر عن الباقر في قوله: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} أنَّ إسحاق هو الحسن، والحسين هو إسماعيل. قال الصادق: صدقوا بما قالوه فالحسين أعظم خطراً من الله أنْ يذبح...)(٦).

ويتلو ذلك فقرة سأل فيها المفضل عن (قصة الحسين كيف اشتبه على الناس قتله وذبحه، كما اشتبه على من كان قتلهم في قتل المسيح).

ومنها: آثار مطولة هي أشبه بكتاب مستقل، أو رسالة مفردة، أو هي في قوة ذلك، وهذه التي نشير إليها جملة ممَّا عثرنا عليه في كتب الغلاة.

وكان النجاشي S قد أشار إلى أنَّ الغلاة يروون عن جابر أشياء لا تصح نسبتها إليه وقال: إنَّ ذلك موضوع(٧).

ولم ينحصر ما أضافته الغلاة إلى جابر على فرقة محددة منهم، بل كلهم اهتموا بأنْ يجعلوا جابراً من جملتهم في الباطن، وينسبوا من طريقه عقائدهم إلى الأئمة من آل البيت i.

فمن انقسامات الغلاة البارزة أنَّهم ينقسمون إلى مَن يرى تجلي الله سبحانه وتعالى في النبي e، ويعتبر أمير المؤمنين g وسائر أهل البيت تجليات ثانوية، أو ما يقرب من هذا المعنى، وهؤلاء يعرفون بالمحمَّديّة والميميّة.

ومنهم مَن يرى أنَّ التجلي الأوَّل هو للإمام علي g ويجعل النبي e حجاباً له، وهؤلاء هم الذين عرفوا بالعلويّة والعينيّة. والمراد أنَّهم يلتزمون بتجلي الإله أوَّلاً في علي g ثُمَّ في غيره. وكان منهم محمَّد بن نصير النميري.

ومنهم مَن يرى أنَّ التجلي في النبي e وأمير المؤمنين g سيان فهما ندان في ذلك.

ثُمَّ هذه الفرق عموماً تسري ما تعتقده من الغلوّ الخاصّ إلى ثلاثة آخرين غير النبي e وعلي g.

فالمخمسة على قسمين:

قسم يضيفون الزهراء والحسن والحسين إلى النبي والإمام علي g .

وقسم يُخْرِج علياً g من الخمسة باعتباره تجلياً محضاً للذات الإلهية ـ كما هو اعتقاد العلويين ـ فيجعل الخامس (المحسن) الولد الثالث للإمام أمير المؤمنين الذي أسقطته الزهراء (ع) بعد النبي e.

وعلى هذا تجري النصيرية في دستورها وسائر كتبها.

وفي هؤلاء مَن يعترف بإمامة آخرين من الأئمّة، أو يغلو فيهم، ولكنَّه لا يجعلهم في مصاف هؤلاء الخمسة.

ثُمَّ إنَّ أغلب هذه الفرق تغلو في أئمة يعتقدون بهم بعد الحسين g وإنْ كان كثير منهم لا يبلغ بهم درجة الخمسة، وهؤلاء منهم مسبعة واثنا عشرية.

فالمسبعة يضيفون الأئمة حتى الصادق وابنه إسماعيل إلى هؤلاء، ومنهم فريق من الإسماعيلية.

وفي هؤلاء من يلتزم بإمامة أئمة آخرين وهم باقي أئمة الاثني عشرية، أو غيرهم كأولاد إسماعيل ـ كما تعتقد فرقة من الإسماعيلية الغلاة ـ ولكنهم لا يرفعون الباقي إلى مصاف الأئمة السبعة.

والاثنا عشرية يجعلون باقي الأئمة الاثني عشر على حدّ أصحاب الكساء.

ويجمع كثير من الغلاة بين اعتبار امتياز للخمسة وبين اعتبار امتياز لباقي الأئمة السبعة، واعتبار امتياز أدنى لسائر الأئمة الذين يعتقدون بهم، ومن ثَمَّ يهتمون في آن واحد بعدد الخمسة والسبعة والاثني عشر.

فهذه الفرق كلها اهتمت بالرواية عن جابر وإسناد اعتقاداتهم إلى الأئمة i من طريقه، وهذا الاهتمام بطبيعة الحال كان تدريجياً يأخذ سيراً صعودياً إلى تدوين مجموعة كاملة تمثّل أفكار الغلاة، ثُمَّ يأخذ منحى نزولياً ويتوقف عند استقرار التراث الروائي للغلاة.

ويجد الباحث بتتبع ما روي عن جابر ما يناسب هذه الاعتقادات كلّها.

ولنمرّ على آثار جابر التي عثرنا عليها عند الغلاة.

١. أمُّ الكتاب.

من الآثارالتي تضافإلى جابركتاب عثرعليه المستشرقونالروس لدى الإسماعيلية في بعض البلاد الإسلامية جنوب روسيا وشمال أفغانستان، وفي الهند مع اختلاف في نسخها(٨).

وكان الكتاب باللغة الفارسية، إلَّا أنَّ الظاهر أنَّ أصله كان عربياً لقرائن عديدة
فيه مثل استخدام المصطلحات العربية، ويمثّل الكتاب مذهب المخمسة المغالين في النبي e والأربعة من آل البيت i الذين جمعهم في الكساء، كما ذكر فيه تجليل أبي الخطّاب الغالي، ولا أثر فيه من ذكر سائر أئمة أهل البيت i بعد الباقر، ولا للغلاة بعد عصره ـ غير أبي الخطّاب الذي عاش في عصر الباقر والصادق h ـ ولا صلة واضحة له بالمذهب الإسماعيلي العامّ.

نعم، هناك طائفة غالية من الإسماعيلية، ولا يبعد أنَّها كانت دخيلة في حفظ آثار الغلاة في الأئمة الذين يعترفون بهم وأصحابهم، بل مشاركتهم في توليد مثل هذه الآثار وإنْ كان اقتباساً من آثار الغلاة اللاحقين من سائر الفرق الذين طوّروا النظريات الغالية في الأزمنة السابقة.

وممَّا ينبّه على ذلك خلو آثار الغلاة اللاحقين ـ المحفوظ بمقدار معتد به في تراث العلويين ـ عن أيّ نقل أو إشارة إلى هذا الكتاب. نعم، هناك مضامين متشابهة ومنهج متقارببين هذاالكتاب وبينتلك الآثار،إلَّا أنَّهذا المقدارلا يكفيفي البناء على استمداد تلك الآثار من هذا الكتاب، بل الأقرب أنْ يكون هذا الكتاب نحو استمداد منها.

وعلى كل حال فإنَّ هذا الكتاب ليس من تراث العلويين (النصيرية)، وإنَّما يناسب عقائد المخمسة، لأنَّ العلويين وإنْ كانوا يحافظون على تميّز أصحاب الكساء بالنورانية الخاصة، إلَّا أنَّهم لا يجعلون الإمام علي g منهم لرفعه إلى مصاف الإلوهية ويضيفون بدلاً عنه (المحسن) الولد السقط للإمام أمير المؤمنين g.

وقد تضمن هذا الكتاب وفق تصنيف لمضامينه ثلاث عشرة فقرة نشير إلى ستة منها: 

١. تفسير البسملة، وجاء في بعضها: (فقام جابر الجعفي وقال: يا مولاي ما هو معنى {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} المكتوبة في بداية سور القرآن والتي يقولها كل من يشرع بعمل ما والتي يعتبرها الكل عزيزة كريمة... فقال الباقر... فهي تعني تلك السبع والاثني عشر اللواتي جعلهن الملك تعالى جوارحه... يا جابر، إنَّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} على القرآن قصر، الباء والسين والميم والنقطة تحت الباء تعني أربعة ملائكة يسمون باللسان البشري سلمان والمقداد وأبا ذر وعمار...)(٩).

٢. وممَّا جاء فيه صفة الباري واقترانه بالأنوار الخمسة القديمة: (فقام جابر الجعفي ومسح بيده على وجهه وقال: يا مولاي، هل الخالق في السماء أم على الأرض؟ كيف هو ومن أيّ نوع؟ كيف وصفه وصفته وكيف وُجِدَ؟ مَنْ ماذا طلع وماذا خرج منه؟ فقال باقر العلم علينا منه السلام... فكتبه باقر العلم علينا منه السلام على لوح وسلّمه لجابر باليد. كتب أوَّلاً: مولانا وخالقنا جلَّ جلاله هو في السماء وعلى الأرض، وقبل أنْ يكون هناك سماء وأرض أو أي مخلوق موجوداً، كان هناك خمسة أنوار قديمة ذات خمسة ألوان كمثل قوس قزح يخرج من أشعتها شيء مثل شمس في الهواء ... هذه الأنوار الخمسة هي من يسميهم البشر محمَّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين فهم خرجوا من اللاشيء)(١٠).

٣. ناكرو النعوت الإلهية(١١). (قال جابر الجعفي: يا مولاي، ما معنى أنَّ الخلائق المنكوسة تقول إنَّ الله لا يصف ذاته بصفة وليس له صفات؟ فأجاب باقر: يا جابر إنَّ هذه كلمة سخط الله، فالملك تعالى قريب ويسمى عن كثب؛ لأنَّه لم يقبل بعبادة إبليس اللعين ... فالملك تعالى هو تلك الروح التي في الإلوهية والنورانة الشمس التي أصلها من الله. مرتبط من ديوان إلى ديوان نور بنور نزولاً إلى مقعد دماغ المؤمنين الإلهي مثل حبل أو طريق...).

٤. الديوانات (القبب) السماوية السبع: (ثُمَّ قال جعفر الجعفي: يا مولاي، إذا لم يبدُ لك الأمر صعباً جداً فأوضح واشرح لعبدك هذا صفة وشرح وعظمة الديوانات الإلوهية والأنوار التي تتوالى من ديوان إلى ديوان...)(١٢).

وجاء في الجواب ذكر ديوانات: ديوان بيضاء جوارحه الأسماء الخمسة. تحته ديوان غاية الغايات فيه الحجاب الياقوتي الأحمر، فيه مائة وأربعة وعشرون ألف ضوء بألوان مختلفة كمثل قوس قزح. وتحت هذا الحجاب حجاب آخر لونه لون النار، ويظهر فيه الشخوص الخمسة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وصورائيل، وظهرت الأنوار المائة وأربعة وعشرون ألف لمرة أخرى من الحجاب الياقوتي ... إلى آخر ما ذكره عن سائر الدواوين السبعة.

٥. بداية الخلق، وتكبُّر عزرائيل: (فقام جابر بن عبد الله الأنصاري ودعا وقال: يا مولاي، كيف عمل الملك تعالى الخلق وهذه الديوانات والقصور؟ وممَّا خلق الأرواح؟ وما هو سبب الخلق؟ فقال باقر العلم علينا منه السلام: إنَّ خلق هذه الديوانات صعب، وليس كل طالب يستطيع لهذا العلم سبيلاً، الأمان الأمان كم مستور هذا السرّ... ـ إلى أنْ جاء فيه ـ فقال عزرائيل: إنَّ مخلوقاتي أكثر عدداً من مخلوقاتك، لقد خلقت أرواحاً بعشر أضعاف ما خلقت أنت. كيف يمكنك أنْ تدعي الإلوهية؟..)(١٣).

٦. المنازل الخمس تقرّ بالله خالقاً: (... وكان شيخ هذه المنازل سلمان... وأدركه مقداد الكبير وقال "نص عربي": أنا أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله. يعني "نص فارسي": أشهد أنَّك أنت الله وأنَّ هذا الذي حمد وسبح وسبق هو سلمان القدرة، وهو نبيك الذي سبق وجعل نداءك يصل إلى أذننا... فأدرك أبو ذر القدرة... ثُمَّ ردد أبو ذر هذه الكلمة عدة مرات: حي على الصلاة، اثنا عشر روحاً يسمون نقباء... فاتجهت ثمانية وعشرون روحاً (نجيب) طاهرة نقية إلى الملك تعالى... وأنَّ المنازل صارت ستاً: المنزلة الأولى سلمان، والمنزلة الثانية مقداد، والمنزلة الثالثة أبو ذر، والمنزلة الرابعة النقباء، والمنزلة الخامسة النجباء وكانت المنزلة السادسة هي منزلة المعترضين...)(١٤).

فهذه نماذج من الفقرات الست الأُوَل.

وفيما يلي عناوين سائر الفقرات الباقية:

٧. عصيان عزرائيل وهبوطه(١٥).

٨. ظهور الملك من جديد، هبوط الكافرين والعصاة(١٦).

٩. خلق الأرض(١٧).

١٠. خلق الإنس والجن. العهد مع الله(١٨).

١١. إغواء المرسلين. نشوء الأبدان(١٩).

١٢. شروط الخلاص من الأبدان(٢٠).

١٣. أمُّ الكتاب خلاص العالم الأصغر(٢١).

هذا، ومن المحتمل جداً أنْ يكون ما ورد في هذا الكتاب من ذكر الديوانات (القبب) هو (رسالة القباب) لمحمَّد بن عبد الله بن مهران لما مرّ من الاهتمام بالقباب النورية فيها، وبناء سائر المعاني في الرسالة عليها(٢٢).

هذا، وقد ظن بعض المستشرقين(٢٣) أنَّ هذا الكتاب يمثّل في أصله حقيقة تاريخية تتصل بزمان جابر، وهي تتضمن سنخ الأفكار الواردة في الرسائل التي تنسب إلى المفضّل فيصلح أساساً لها.

ولكن الواقع أنَّه لا دليل تاريخي على تعلّق هذه الرسالة ـ ولو في أصلها الخالي عن الزيادات الطارئة عليها ـ بما يقرب من تلك الأزمنة، فضلاً عن أنْ يكون قد نشأ في ذلك الزمان، فإنَّ من المتعارف لدى الغلاة جعل قصص وأحاديث على لسان السابقين، وأسلوب إنشاء هذه الرسالة يتعلّق بالقرن الثالث الهجري أو ما بعده، إذ النُسخ التي عثر عليها منها مؤرخة بتواريخ متأخرة جداً، كما مرّ بيان ذلك في الهامش آنفاً.

٢. كتاب شرح السبعين الذين لا ينجبون ونعت نعوتهم وصفاتهم وأجناسهم وصنائعهم، وما كشفه العالم منه السلام وآبائه وحذّر منه.

وهي رواية ينسب نقلها إلى أبي سعيد ميمون الطبراني (المولود حوالي ٣٦٠ ـ ٣٧٠هـ) حكاية عن جابر في زيارته للصادق g يوم الأضحى وإسنادها: (حدَّثنا أبو علي البصري بشيراز في منزله بشارع البرامكة في ذي القعدة سنة ٣٢٧هـ، قال: حدَّثني أبو المسيب سنان بن المسيب البازلي، قال: حدَّثني أبو جعفر محمَّد بن سليمان الطالقاني بطالقان سنة أربعين ومائتين، قال: حدَّثني ميثم بن الحارث القرشي بمكة في شعب أبي طالب، قال: حدَّثني إسماعيل بن سليمان العلّاف الكوفي، قال: حدَّثني ماهان الإبلي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: غدوت يوم الأضحى إلى سيدي ومولاي جعفر بن محمَّد لأهنئه، فلما أَذِنَ لي دخلت عليه فوجدت عنده جميع من كان بالكوفة ممّن يتولاه بحقيقة المعرفة)(٢٤).

وتتضمن هذه الرسالة:

إنَّ عيد الأضحى عيد ذبح الأعداء؛ لأنَّ الذبائح أشخاص خالفوا أوامر الله فاستحقوا الذبح. وجاء أنَّه يقول الذابح إشارة إلى الحيوان: (اللهم إنَّ هذا شخص عَنَدَ عنك وخالف أمرك وجحد ذاتك... وقد تقربت به إليك كما أمرت وقدمته ليكون لي عندك حين اذبحه... وأذيقه بذلك عذابك بيدي...).

ثُمَّ جاء أنَّ الإمام g أعطى جابراً ومن معه شفرات وأمرهم أنْ يدخلوا المخدع كان فيه شياه، لكن كل واحد استخرج منه شاة فأمرهم بذبحها مع تكرار المضمون السابق. ثُمَّ أعلمهم أنَّ ما ذبحوه شهود الزور يوم الحوأب مع ذكر أسمائهم وأسماء قبائلهم(٢٥).

وذكر أنَّه جرى لأمير المؤمنين g مع أصحابه مثل ذلك فذكر نعوت الممسوخين: وهم المجذوم،والموضح بالبرص،والأرقط بسواد...إلى آخرأربعين نعتاًمن الأجناس الترك والزنج... إلى آخر ستة عشر جنساً، ومن الصنائع البيطار والقصاب والشروطي إلى آخر أربعة عشر صنفاً، فاكتمل السبعون إلى آخر ما جاء في الرسالة(٢٦).

٣. كتاب الكرسي والقلب من رواية جابر.

ذكر محمَّد بن علي الجلي (ت ٣٤٦ هـ) ـ من تلاميذ الخصيبي وخليفته حسبما قيل ـ في كتاب حاوي الأسرار فقرة منه قال: (وعن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وقد سئل عن الكرسي والقلب ووصف الخلق، وهو كتاب مترجم بكتاب الكرسي والقلب اختصرت منه موضع الحاجة إليه، فقال: خلق أركانه أربعة: علم، وقدرة، ومشيئة، وإرادة، وأسكن فيها الأرواح الأربعة: روح القدس، وروح الأمين، وروح ذي المعارج، وروح الأمر... ـ إلى أنْ قال: ثُمَّ قال في تفسير النفحة الأولى: سبع طرائق وسبعة صفوف، فالطريق الأوَّل: النور، والثاني: الهواء، والثالث: الظلمة، والرابع: البحار، والخامس: الريح، والسادس: الماء، والسابع: النفحة، وكل صف قام

 في يوم حتى تمت الصفوف. فالصف الأوَّل: الملائكة. والصف الثاني: الرسل. والصف الثالث: الأنبياء.والصف الرابع:المؤمنون. والصفالخامس: الكفار.والصف السادس: الفراعنة. والصف السابع: الأبالسة والطواغيت ... إلى آخر ما ذكر(٢٧).

٤. خبر أصحاب العقبة والنقباء من أصحاب النبي e رواه الخصيبي في أحوال النبي e

قال: (حدَّثني أبو الحسين محمَّد بن يحيى، قال: حدَّثني أبو عبد الله بن زيد، عن الحسين بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمَّد الصادق، عن محمَّد بن علي الباقر h، قال أبو جعفر لجابر بن يزيد الجعفي: يا جابر إنَّ نفراً من
شيعتنا...)(٢٨).

وجاء في مضمون الخبر: إنَّ أصحاب العقبة هم أشد لعنة وكفراً وجحداً ونفاقاً لله ولرسوله منذ الذر الأول. وأيضاً جاء فيه: بأنَّ رسول الله e ركب ناقته العضباء في ليلة شديدة الظلمة فتآمر الاثنا عشر على تنفير ناقته وقتله e وقال ضليلهم وإبليسهم زفر: إنَّ هذا أوان قتله، لأنَّ هذه العقبة صعبة ولا يرقى فيها الناس إلَّا واحداً بعد واحد لضيق المسلك. ومن ثَمَّ يدحرجون الدباب على وجه الناقة فتنفر ويسقط منها رسول الله e ويُقتل. فلمّا وصلوا إلى العقبة استأذنوا رسول الله e أنْ يتقدموه ليقوه فتقدم عمر وتلاه أبو بكر وطلحة والزبير وتلاهم سعد بن أبي وقاص وتلاه أبو عبيد بن الجراح وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو موسى وصاروا في ذروة العقبة. فلمّا أحسوا بالناقة في ثلثي العقبة دحرجوا الدباب في وجهها فنزلت ولها دوي كدوي الرعد فنفرت الناقة. فأسرع أمير المؤمنين g وكان يتلوه من ورائه في الطريق وتلقته الدباب فأقبل يأخذها برجله فيطحنها واحدة بعد واحدة. وكان رسول الله e قد نزل عن الناقة في وقت نفورها وأخذ جبرائيل زمام الناقة في العقبة في أغصان دوحة كانت بجانب المسلك في العقبة وسمع للناقة صريخ، والشجرة تنادي: يا رسول الله قد عقد خطام ناقتك في أغصاني. فسأل رسول الله e عن هذه الدوحة؟ فقال له جبرائيل: 
إنَّ هذه الشجرة قد ولد تحتها أبوك إبراهيم الخليل وهي شجرة الأثل. ثُمَّ اختار رسول الله e سبعين رجلاً من أصحابه، واختار من السبعين اثني عشر نقيباً بعدد أصحاب الدباب. والنقباء هم: أبو الهيثم مالك بن التيهان الأشهلي الأنصاري، والبراء بن مغرور الأنصاري، والمنذر بن لوذان، ورافع بن مالك الأنصاري، وأسيد بن حضير، والعباس ابن عبادة بن نضلة الأنصاري، وعبادة بن الصامت النوفلي، وعبد الله بن عمر بن حزام الأنصاري، وسالم بن عمير الخزرجي، وأُبي بن كعب، ورافع بن ورقا، وبلال بن رياح الشنوي. وأعطى حذيفة بن اليمان علم المنايا والبلايا. وأيضاً أعطى e باقي السبعين شيئاً من فضله.

٥. خبر الخيط الذي رواه الخصيبي في الهداية، ومحمَّد بن جرير الطبري في نوادر المعجزات، والعلّامة المجلسي في البحار في باب نادر وهو حديث مطوّل في حجم رسالة، وذكر أنَّه وجده في كتاب عتيق لبعض محدثي أصحابنا، وورد أيضاً مرفوعاً في عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبد الوهاب ـ المعاصر للسيد المرتضى ـ الذي عاش في القرن الخامس، وقد رواه بقوله: (رواه لي الشيخ أبو محمَّد ابن الحسن بن محمَّد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلى محمَّد بن جعفر البرسي مرفوعاً إلى جابر) وهو تقريباً نفس إسناد الطبري(٢٩)،وقد ذكر العلّامة المجلسي أنَّ هذا الكتاب ينسب إلى السيد المرتضى!!(٣٠).

وقد حقّقنا هذا الخبر في الحلقة الأولى، وأنَّه من وضع الغلاة فلا نعيد.

والواقع أنَّه لا وثوق بشيء ممَّا روي عن جابر من مذاهب الغلاة، فإنَّه ليس للغلاة إسناد حقيقي تاريخي، ولكنَّها انتحال للشخصيات المناسبة ليمثّل ذلك عمقاً تاريخياً للمذهب بما يدفع الشبهة عنه من جهة. وسبيلاً إلى إسناد الأفكار إلى الأئمة من أهل البيت i من جهة أخرى.

هذا، وقد وردت الأخبار ـ وبعضه يمكن تصحيحه على بعض المباني ـ عن جابر بما ينفي عنه الغلوّ، مؤيداً بأخبار من طرق الغلاة والضعفاء أنفسهم. 

فممَّا ورد عن جابر في التوحيد ما رواه الكليني عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمَّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن السري، عن جابر ابن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر g عن شيء من التوحيد، فقال: ((إِنَّ اللَّه تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُه الَّتِي يُدْعَا بِهَا وتَعَالَى فِي عُلُوِّ كُنْهِه وَاحِدٌ تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِه، ثُمَّ أَجْرَاه عَلَى خَلْقِه فَهُوَ وَاحِدٌ صَمَدٌ قُدُّوسٌ يَعْبُدُه كُلُّ شَيْءٍ ويَصْمُدُ إِلَيْه كُلُّ شَيْءٍ ووَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً))(٣١).

وممَّا ورد عن جابر في نفي الغلوّ في الأئمة i ما رواه الصفار (ت ٢٩٠هـ) عن أحمد بن محمَّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن جابر قال أبو جعفر g: ((يا جابر والله لو كنّا نحدِّث الناس أو حدَّثناهم برأينا لكنَّا من الهالكين، ولكنَّا نحدِّثهم بآثار عندنا من رسول الله e يتوارثها كابر عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم))(٣٢).

وممَّا ورد عن جابر في المعاد ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمَّد ابن يحيى، عن أحمد بن محمَّد بن عيسى، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمَّد بن خالد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر g قال ((...فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى:شَرَعَ الإِسْلَامَ... فَالإِيمَانُ مِنْهَاجُه والصَّالِحَاتُ مَنَارُه والْفِقْه مَصَابِيحُه والدُّنْيَا مِضْمَارُه والْمَوْتُ غَايَتُه والْقِيَامَةُ حَلْبَتُه والْجَنَّةُ سُبْقَتُه والنَّارُ نَقِمَتُه والتَّقْوَى عُدَّتُه والْمُحْسِنُونَ فُرْسَانُه، فَبِالإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ وبِالصَّالِحَاتِ يُعْمَرُ الْفِقْه وبِالْفِقْه يُرْهَبُ الْمَوْتُ وبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا وبِالدُّنْيَا تَجُوزُ الْقِيَامَةَ، وبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ، والْجَنَّةُ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ والنَّارُ مَوْعِظَةُ الْمُتَّقِينَ، والتَّقْوَى سِنْخُ الإِيمَانِ))(٣٣).

وأيضاً ورد عنه بنفس الإسناد السابق في باب صفة الإيمان عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ g قَالَ: ((سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ g عَنِ الإِيمَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّه a جَعَلَ الإِيمَانَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الصَّبْرِ والْيَقِينِ والْعَدْلِ والْجِهَادِ: فَالصَّبْرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الشَّوْقِ والإِشْفَاقِ والزُّهْدِ والتَّرَقُّبِ، فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ، ومَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، ومَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْه الْمُصِيبَاتُ، ومَن رَاقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ))(٣٤).

وممَّا ورد عن جابر في الورع ما رواه الكليني عن أبي علي الأشعري، عن محمَّد بن سالم، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: قَالَ لِي: يَا جَابِرُ أيَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ! فَوَ اللَّه مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّه وأَطَاعَه، ومَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّابِالتَّوَاضُعِ والتَّخَشُّعِ والأَمَانَةِ وكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّه والصَّوْمِ والصَّلَاةِوالْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ والتَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ والْغَارِمِينَ والأَيْتَامِ وصِدْقِ الْحَدِيثِ وتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وكَفِّ الأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وكَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الأَشْيَاءِ. قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِه الصِّفَةِ! فَقَالَ: يَا جَابِرُ لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وأَتَوَلَّاه ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالاً فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّه، فَرَسُولُ اللَّه e خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ g ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَه ولَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِه مَا نَفَعَه حُبُّه إِيَّاه شَيْئاً فَاتَّقُوا اللَّه واعْمَلُوا))(٣٥).

هذا تمام الكلام في المقام الأوَّل الذي عقدناه حول شخصية التابعي المشهور جابر ابن يزيد الجعفي.

 

المقام الثّاني: علوم جابر وكتبه

علوم جابر.

يعدّ جابر بن يزيد الجعفي من مشاهير علماء الكوفة، قال الذهبي في تاريخه: (جابر ابن يزيد الجعفي الكوفي أحد أوعية العلم)(٣٦)، وعن عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله أنَّه كان يقول: عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي(٣٧)، وعن شعبة قال: رأيت زكريا بن أبي زائدة يزاحمنا عند جابر فقال لي الثوري: نحن شباب، هذا الشيخ ما يزاحمنا هاهنا(٣٨).

وربَّما يجعل جابر أحد أربعة انتهى علم الأئمة i إليهم، كما جاء ذلك فيما حكاه الكشي في ترجمة يونس: (وجدت بخط محمَّد بن شاذان بن نُعَيم(٣٩) في كتابه، سمعت أبا محمَّد القماص الحسن بن علوية الثقة(٤٠)، يقول: سمعت الفضل بن شاذان، يقول: حجَّ يونس بن عبد الرحمن أربعاً وخمسين حجّة، واعتمر أربعاً وخمسين عمرة، وألّفَ ألف جلد رداً على المخالفين، ويقال: انتهى علم الأئمة i إلى أربعة نفر: أوَّلهم سلمان

الفارسي، والثاني جابر، والثالث السيّد، والرابع يونس بن عبد الرحمن)(٤١).

والمتراءى من هذا الكلام بدواً أنَّ قوله: (ويقال) من كلام الفضل، كما حكي عنه أنَّه قال: (ما نشأ رجل من سائر الناس كان أفقه من سلمان الفارسي، ولا نشأ رجل بعده أفقه من يونس بن عبد الرحمن h)(٤٢)، ولكن على تقدير ظهور الكلام في ذلك فالفضل إنَّما حكى هذا القول ولم ينفه. ففي حكايته له ما يدل على أنَّه لم يره موهوناً.

إلَّا أنَّ في ثبوت هذا القول عن الفضل نظراً من جهة الإسناد، فإنَّه لا توثيق لابن شاذان، كما أنَّه لا مأخذ لاعتبار توثيقه لابن علوية.

يضاف إلى ذلك بعض الوهن في مضمون هذا القول؛ إذ أنَّه جعل في ضمن الأربعة (السيّد) والمقصود به ظاهراً (السيّد الحميري)، والمعروف عنه أنَّه شاعر، ولم يعرف بالعلم كالثلاثة الباقين.

قال المحدِّث النوري في (نَفَس الرحمن) ـ بعد أنْ ذكر أنَّ المراد بالسيّد هو الحميري ـ: (غير أنَّه لم يكن له هذا المقام الشريف، بل كان في عصره جماعة لولاهم لاندرست آثار النبوة كزرارة وبُريد وأبي بصير ومحمَّد بن مسلم وغيرهم، ممَّن لا يرتضي أحد عدّ السيّد في عدادهم، فكيف يعدّ مع مَنْ انتهت علوم الأئمة إليهم! والله العالم بمراد الفضل. نعم، لم يعهد من أحد من أصحاب الأئمة أنَّه انتشر فضائل علي وأهل بيته i كما انتشره السيّد بما قال فيهم من الشعر)(٤٣).

قلت: وقد يجعل ذكر السيّد قرينة على أنَّ المراد بذكر الأربعة إنَّما هو بالنظر إلى مجالات مختلفة من العلم وليس إلى العلوم بقول مطلق، إذ لم يعرف عن يونس أيضاً إلَّا الكلام والحديث والفقه دون ما اشتهر به سلمان وجابر، فيراد الإشارة إلى علم الحميري بفضائل أمير المؤمنين g، والله أعلم.

وأيّاً كان: فلا ينحصر مجال علم (جابر) بحقل خاص كالحديث، بل الظاهر أنَّه كان عالماً في مجالات عديدة من الحديث والفقه والكلام والأخلاق والتاريخ والتفسير، ويعبّر عن ذلك ملاحظة كتب جابر وجملة ممَّا حكي عنه في بطون كتب الحديث والتاريخ والتفسير وغيرها.

وقد ألّف جابر كتباً عديدة ذكرها أصحاب الفهارس من الإمامية كالشيخ الطوسي والنجاشي، وكانت تحتوي عليها أو على بعضها مكتبات علماء الإمامية في العصر الأوَّل، وقد ذكر أبو غالب الزراري (ت ٣٦٨هـ) في رسالته إلى حفيده في جملة ما عدّه من مكتبته: (كتاب جابر الجعفي)(٤٤).

وقد يتوقع أنْ يكون علماء الجمهور الأوَّلين قد اهتموا أيضاً بكتبه واعتمدوا عليها حيث نقلوا عنه روايات كثيرة، إلَّا أنَّ تنامي حركة تضعيف الرجل وظهور مذهبه الإمامي أدّى إلى تركهم لكتبه وآثاره تدريجاً عدا ما نقل عنه في مطاوي كتب الطبقات الأولى.

هذا، والذي يظهر أنَّ لجابر كتباً ألّفها في كلتا مرحلتي حياته، لكن كتبه الحديثية والتفسيرية التي تتعلق بالمرحلة الثانية من حياته ـ والتي اعتقد فيها بإمامة أئمة أهل البيت i ـ لم يكن يبديها ويحدِّث بها في الوسط العامّي.

وأيّاً كان فقد اهتم أصحاب الفهارس من الإمامية بذكر كتبه، وقد اقتصر الشيخ على ذكر كتابين له: التفسير، والأصل، قال ما لفظه: (جابر بن يزيد الجعفي. له أصل.. وله كتاب التفسير..)(٤٥).

وزاد النجاشي مؤلفات أخرى تاريخية، فقال: (له كتب، منها: التفسير.. وله كتاب النوادر.. وله كتاب الفضائل.. وكتاب الجمل، وكتاب صفين، وكتاب النهروان، وكتاب مقتل أمير المؤمنين g، وكتاب مقتل الحسين g... وتضاف إليه رسالة أبي جعفر إلى أهل البصرة، وغيرها من الأحاديث والكتب، وذلك موضوع، والله أعلم)(٤٦).

ويظهر أنَّ تفسير جابر وأصله هما أشهر كتب جابر لدى المحدِّثين، إذ لم يكن لجلّ أهل الحديث عناية بالتاريخ، وكأنَّه لذلك اقتصر على ذكرهما بعض أصحاب الفهارس كالشيخ في الفهرست ومصادره.

وعلى الرغم من أنَّ شيئاً من كتب جابر لم يصل إلينا بعينه، إلَّا أنَّه يمكن عدّ ما نقل عنه في تضاعيف كتب الحديث والتفسير والتاريخ جزءا محتملاً ممَّا ورد في كتبه.

هذا، ويمكن تقسيم مجالات علوم جابر وكتبه إلى ثلاثة أقسام: الحديث، والتفسير (علوم القرآن)، والتاريخ.

١. الحديث.

قد عرف جابر عند العامّة بأنَّه من كبار محدثي الكوفة، وعنده أحاديث كثيرة جداً، وقد ذكرهو h عننفسه ـكما نقلتمصادر العامّةـ بأنَّ الإمام الباقر g حدَّثه بخمسين ألف حديث، أو أنَّه عنده خمسون ألف باب من العلم، فمن كلمات العامّة..

١. عن عبد الرحمن بن مهدي (ت ١٩٨هـ): (ألا تعجبون من سفيان بن عيينة، لقد تركت جابر الجعفي لقوله لمّا حكى عنه أكثر من ألف حديث، ثُمَّ هو يحدِّث عنه)(٤٧).

٢. قال الترمذي: (سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعاً يقول: لولا جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث)(٤٨).

٣. عن عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله أنَّه كان يقول: (عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي)(٤٩).

٤. عن سلام بن أبي مطيع قال: (قال لي جابر الجعفي: عندي خمسون ألف باب من العلم ما حدَّثت به أحداً)(٥٠).

٥. عن زهير سمعت جابر بن يزيد يقول: (عندي خمسون ألف حديث ما حدَّثت فيها بحديث. فحدَّثنا يوماً بحديث فقال هذا من الخمسين ألف)(٥١).

٦. عن أبي يحيى الحماني قال: (سمعت أبا حنيفة يقول... وزعم أنَّ عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله e لم يظهرها)(٥٢).

٧. عن عثمان بن سعيد بن مرّة قال: سمعت زهير أبا خيثمة قال: (كنّا جلوساً عند جابر الجعفي فأقبل سفيان الثوري فقال لنا جابر: زعم أنَّ سعيد بن مسروق هذا أنَّه
سمع مني عشرة آلاف حديث)(٥٣).

٨. ذكر الذهبي (ت٧٤٨هـ) في كتابه (العِبر في خبر من غبر) في ذكر حوادث (سنة ١٢٨هـ): (وفيها توفي جابر بن يزيد الجعفي من كبار المحدِّثين بالكوفة)(٥٤).

ومن طرقنا ورد أنَّ الإمام الباقر g حدَّثه بسبعين ألف حديث..

فقد روى الكشي عن جبريل بن أحمد، عن محمَّد بن عيسى، عن إسماعيل بن مهران عن أبيجميلة المفضلبن صالح،عن جابربن يزيدالجعفي، قال:(حدَّثنيأبو جعفرg بسبعين ألف حديث لم أحدِّث بها أحداً قط، ولا أحدِّث بها أحداً أبداً...)(٥٥).

كتب جابر في الحديث:

لجابر في الحديث كتابان أو ثلاثة وهي: الأصل والنوادر والفضائل.

١. الأصل والنوادر.

الظاهر أنَّ أصل جابر ألّفه في المرحلة الثانية من حياته، وقد رواه الشيخ عن طريق المفضل بن صالح الجعفي، بقوله: (أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمَّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عنه)(٥٦).

ويتوقع أنْ تكون أحاديث جابر في الفقه والمذكورة في الكتب الأربعة وغيرها مأخوذة من أصل جابر، وكذا بعض أحاديثه الأُخر ممَّا كان حول مكانة الأئمة i أو
التفسير، إذ لم يذكر اختصاص أصله بالفقه.

ويمكن أنْ نعتبر ما جاء في أصل جعفر بن محمَّد بن شريح الحضـرمي(٥٧) (ت ق ٢) قطعة من أصل جابر فقد نقل فيه عن جابر بن يزيد الجعفي ثلاثاً وثمانين رواية متسلسلة ـ من ص:٦٠ إلى ٧٤(٥٨)ـ ما عدا روايتين وقعت في ضمنها ـ ص:٦٧ ـ وهي رواية لمحمَّد ابن شريح عن الإمام الصادق g، والأخرى عن عبد الله بن السري عن الرضا g. 

وأما النوادر فقد رواها النجاشي قائلاً: (أخبرنا أحمد بن محمَّد الجندي قال: حدَّثنا محمَّد بن همّام قال: حدَّثنا جعفر بن محمَّد بن مالك قال: حدَّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف قال: حدَّثنا محمَّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر به). 

وهل الأصل والنوادر كتابان أو يمكن أنْ يراد بهما كتاب واحد؟ وجهان: بنى على الثاني بعض أساتذتنا (دامت بركاته) في فقهه(٥٩).

وهذا الأمر يتفق الابتلاء به كثيراً، فإنَّه كثير ما يذكر النجاشي للراوي كتاباً بعنوان الأصل والشيخ يذكره بعنوان النوادر، وقد يتفق العكس، وقد يلتقيان في التعبير.

ولكن في النفس من اتحادهما شيء، إذ يشهد على التمييز بين النوادر والأصل اختلاف تعبير النجاشي والشيخ باختلاف الموارد، فمثلاً النجاشي:

تارة: يعبّر بأنَّ لفلان كتاب نوادر كما في الحسن بن متيل، والحسين بن ثوير، والحسن بن موثق(٦٠).

وأخرى: يذكر للمترجم له كتباً في الفقه ويضيف بأنَّ له كتاب نوادر، كما في جعفر ابن بشير البجلي، وجعفر بن محمَّد بن جعفر بن قولويه، وحميد بن زياد، وحريز بن عبد الله وغيرهم(٦١).

وثالثة: يقيّد النوادر بأنَّها في الفقه، كما في الحسين بن عبيد الله الغضائري(٦٢)، أو في باب منه كما في سلمة بن الخطاب حيث ذكر بأنَّ له كتاب نوادر.. وكتاب نوادر الصلاة(٦٣)، أو يقول كتاب الإملاء نوادر كما في علي بن الحسين بن بابويه(٦٤)، أو يقول كتاب نوادر علم القرآن كما في محمَّد بن أحمد الحارثي(٦٥).

ورابعة: يعبّر بأنَّ له أصلاً، كما في الحسن بن أيوب، وأيوب بن الحرّ الجعفي، وآدم ابن المتوكل، وأديم بن الحرّ الجعفي(٦٦)، وذكر في ترجمة جميل بن دراج بأنَّ له كتاباً اشترك

هو ومحمَّد بن حمران فيه ثُمَّ قال ورواه.. إلى أنْ قال: عن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله.. (٦٧).

وخامسة: يذكر العلمان في بعض الموارد أنَّه يراد بالنوادر الأصل، فقد ذكر النجاشي في (مروك بن عبيد بن سالم) أنَّه: (قال أصحابنا القميون: نوادره أصل)(٦٨). وذكر الشيخ في ترجمة (أحمد بن الحسين بن سعيد بن عثمان القرشي، أبو عبد الله. له كتاب النوادر، ومن أصحابنا من عدّه من جملة الأصول)(٦٩).

هذا، ومجرد اقتصار أحد العلمين على ذكر الأصل والآخر على ذكر النوادر لا يقتضي وحدة المراد بهما، فإنَّ من قارن بين ما ذكره النجاشي والشيخ يجد اختلاف النسبة فيما يذكرانه، فقد تكون النسبة التساوي، وقد تكون العموم والخصوص المطلق، أو من وجه، وقد تكون التباين.

بيان ذلك: أنَّه بتتبع فهرستي العلمين وجدنا أنَّ النسبة قد تكون التساوي بأنَّ لكل منهم كتاباً: كما في آدم بن إسحاق بن آدم الأشعري القمي، وإبراهيم بن قتيبة، وإبراهيم ابن نصر بن القعقاع الجعفي، وإبراهيم بن حمّاد، وإبراهيم بن محمَّد الأشعري.

أو بأنْ يكون لكل منهم كتاب نوادر وكتب أخرى: كما في إبراهيم بن هاشم، وإبراهيم بن سليمان بن عبيد الله النهمي، وإبراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي.

أو بأنْ يكون له مجموعة كتب كثيرة كما في إبراهيم بن محمَّد بن سعيد الثقفي.

أو يكون له عنوان واحد فقط كما في (أحمد بن عبدوس الخلنجي) حيث ذكر كلا العلمين بأنَّ له كتاب النوادر.

وقد تكون النسبة العموم والخصوص المطلق كما في (أبان بن عثمان الأحمر) حيث ذكر النجاشي والشيخ بأنَّ له كتاباً يجمع المبتدأ والمغازي والوفاة والردة، وزاد الشيخ
بأنَّ له أصلاً.

وقد تكون النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه، كما في مورد البحث (جابر بن يزيد الجعفي) حيث ذكر كلا العلمين بأنَّ له كتاب التفسير وذكر النجاشي بأنَّ له كتاب النوادر بالإضافة إلى كتب أخرى، وذكر الشيخ بأنَّ له أصلاً.

وقد تكون النسبة بينهما هي التباين كما في (إبراهيم بن أبي بكر محمَّد بن أبي السمّال)، حيث ذكر النجاشي بأنَّ له كتاب نوادر، وذكر الشيخ بأنَّ له كتاباً ـ بناءً على أنَّ المفهوم من الكتاب يغاير النوادر ـ وطريقهما إليهما مختلف في جميع الطبقات.

وعليه فالبناء على الاتحاد بين النوادر والأصل لا يخلو من شيء، والله العالم.

نعم، قد يكون هناك تداخل في جملة من الموارد.

هذا، والمتوقع أنْ يحتوي أصل جابر على أحاديث متنوعة قد يكون جلّها فقهية.

وقد بنى بعض الباحثين على تفاوت الأصل والنوادر، وفسّـر النوادر بالروايات النادرة حسب المفهوم اللغوي، وذكر أمثلة لما ورد، منها(٧٠).

ولكن الظاهر بتتبع ما يحكى عن كتب النوادر أنَّها ليست بمعنى الأحاديث النادرة والطريفة، بل بعضها ربَّما كان من الجوامع أو شبهها كنوادر محمَّد بن أبي عمير، ونوادر أحمد بن محمَّد بن عيسى، ونوادر محمَّد بن علي بن محبوب، وغير ذلك على ما يظهر بالتتبع.

٢. الفضائل.

قد ذكر النجاشي لجابر كتاب الفضائل، وهو ما ذكره بقوله: (أخبرنا أحمد بن محمَّد ابن هارون، عن أحمد بن محمَّد بن سعيد، عن محمَّد بن أحمد بن الحسن القطواني، عن عبّاد بن ثابت، عن عمرو بن شمر، عن جابر به)(٧١).

هذا، ومن القريب أنْ يكون هذا الكتاب حول فضائل الأئمة i ومقاماتهم، وبذلك يكون أحد مصادر الكتب التي ألّفها أصحابنا حول الفضائل والمناقب والدلائل والإمامة ونحوها من العناوين المذكورة في الفهارس.

وعليه يتوقع أنْ يكون ما جاء في مثل هذه المصادر قطعة من كتاب الفضائل لجابر.

أ. ما أخرجه محمَّد بن الحسن الصفار (ت ٢٩٠هـ) في بصائر الدرجات ـ التي هي في فضائل الأئمة ومقاماتهم ـ عن جابر الجعفي واحد وستون رواية، وستظهر مضامينها ممَّا نذكره عمّا نقله الكليني في مقام آخر.

ب. ما أخرجه الكليني (ت ٣٢٩هـ) في كتاب الحجّة من الكافي وهي تبلغ ثلاثين رواية، وقد اقتفى في إيرادها أثر الصفار كما يُعلم بالمقارنة. 

وقد أخرج الكليني في الروضة أيضاً أحاديث حول فضائل أهل البيت i منها ما رواه عن العدة، عن سهل بن زياد، عن محمَّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: قال: ((يا جابر إذا كان يوم القيامة جمع الله a الأوَّلين والآخرين لفصل الخطاب دعي رسول الله e ودعي أمير المؤمنين g فيكسا رسول الله e حُلّة خضـراء تضـيء ما بين المشـرق والمغرب، ويكسا علي g مثلها، ويكسا رسول الله e حُلّة وردية يضـيء لها ما بين المشـرق والمغرب، ويكسا علي g مثلها ثُمَّ يصعدان عندها، ثُمَّ يدعى بنا فيُدفع إلينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ، ثُمَّ يدعى بالنبيين i فيقامون صفين عند عرش الله a حتى نفرغ من حساب الناس، فإذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ بعث ربّ العزة علياً g فأنزلهم منازلهم من الجنة وزوّجهم، فعلي والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره، كرامة من الله عزَّ ذكره وفضلاً فضّله الله به ومَنَّ به عليه، وهو والله يدخل أهل النارِ النارَ، وهو الذي يغلق على أهل الجنة إذا دخلوا فيها أبوابها، لأنَّ أبواب الجنة إليه وأبواب النار إليه))(٧٢).

ج. كتاب مناقب أمير المؤمنين g لـمحمَّد بن سليمان الكوفي (ت ٣٠٠هـ) ـ وهو من أعلام الزيدية وكان قاضي الهادي الزيدي(٧٣) ـ فقد أخرج عن جابر أربع عشـرة رواية(٧٤)، ويحتمل أنْ يكون مصدرها كتابه في الفضائل. 

د. بشارة المصطفى لمحمَّد بن أبي القاسم الطبري (ت ٥٢٥ هـ) فإنَّه قد روى عن جابر أحاديث يحتمل أنْ تكون مروية عن كتابه في الفضائل(٧٥).

هـ. وهناك أحاديث حكيت عن جابر في فضائل أهل البيت i في مصادر أخرى.

منها: ما رواه القاضي نعمان المصـري (ت٣٦٣هـ) في شرح الأخبار عن سهل بن أحمد الدينوري معنعناً عن أبي عبد الله جعفر بن محمَّد g قال: ((قال جابر لأبي
جعفر g: جعلت فداك يا بن رسول الله حدَّثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدَّثت به الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر g: حدَّثني أبي، عن جدي، عن رسول الله e قال...))الحديث(٧٦).

وقد نقل نصّه فرات الكوفي (ت٣٥٢هـ) في تفسيره بنفس الإسناد، قال: حدَّثنا سهل بن أحمد الدينوري معنعناً... ((عن رسول الله e قال: إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة... ثُمَّ ينادي المنادي [أ: مناد] وهو جبرئيل g: أين فاطمة بنت محمَّد؟ أين خديجة بنت خويلد؟ أين مريم بنت عمران؟ أين آسية بنت مزاحم؟ أين أم كلثوم أم يحيى بن زكريا؟..)) إلى آخر الحديث(٧٧).

و. ومنها: ما رواه السيد المرعشي في شرح إحقاق الحقّ من حديث الكساء بقوله: (قال الشيخ عبد الله البحراني صاحب العوالم رأيت بخط الشيخ الجليل السيد هاشم البحراني عن شيخه الجليل السيد ماجد البحراني عن الشيخ الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني عن شيخه المقدس الأردبيلي..) ثُمَّ يذكر السند متصلاً بجابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: (سمعت فاطمة الزهراء (عليها سلام الله) [بنت رسول الله e خ ل] أنَّها قالت دخل عليّ أبي رسول الله e في بعض الأيام فقال: السلام عليك يا فاطمة، فقلت: وعليك السلام يا أبتاه، فقال: إنَّي لأجد في بدني ضعفاً..)(٧٨). وتقدم الحديث عن رواية جابر الجعفي عن جابر الأنصاري بلا واسطة فلا نعيد.

وربما يحتمل أنْ يكون كتاب جابر في الفضائل محتوياً ـ مضافاً إلى فضائل أهل البيت i ـ على فضائل أمور أخرى مثل فضائل بعض السور وفضائل بعض الأشهر والأيام وفضائل بعض الأوقات وفضائل زيارة الأئمة g وخصوصاً زيارة الإمام الحسين g وغيرذلك ممّاهو مبثوثفي الكتبككتب الصدوق والمفيد والشيخ الطوسي وغيرها(٧٩).

 

مضامين أحاديث جابر عند الفريقين:

أ. أصول الدين.

١. توحيد الله تعالى وصفاته.

وتتمثل عناية جابر بهذا الموضوع من جهات:

فمن جهة من خلال رواياته التفسيرية للآيات المرتبطة بذلك.

ومن جهة أخرى: أنَّ الإمام أمير المؤمنين g قد ألقى في الكوفة على المسلمين خطباً توحيدية كثيرة في وصف الله سبحانه وتعالى وعظمته، وكان جابر المعني بآثار الإمام g بطبيعة الحال له حظّ من روايتها.

ومن أبرز ما روي عنه خطبة الوسيلة التي خطبها أمير المؤمنين g بعد وفاة رسول الله e بسبعة أيام، وممَّا جاء فيها: ((الحمد لله الذي منع الأوهام أنْ تنال إلَّا وجوده وحجب العقول أنْ تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ولا يتبعّض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ويكون فيها لا على وجه الممازجة، وعلمها لا بأداة، لا يكون العلم إلَّا بها وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالماً بمعلومه، إنْ قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود، وإنْ قيل: لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلهاً غيره علواً كبيراً..))(٨٠).

ومن جهة ثالثة: فقد تلقى جابر روايات في هذا الحقل من الإمامين الباقر والصادق h منها:

أ. روى الكليني عنه في كتاب التوحيد عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله [البرقي]، عن محمَّد بن عيسى [ابن عبيد]، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن ابن السـري، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر g عن شيء من التوحيد، فقال: ((إن الله تباركت أسماؤه التي يدعا بها وتعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في توحده، ثُمَّ أجراه على خلقه فهو واحد، صمد، قدوس يعبده كل شيء، ويصمد إليه كل شيء، ووسع كل شيء علماً))(٨١).

ب. وروى أيضاً في الروضة خطبة لأمير المؤمنين g في تحميد الله وتمجيده بسنده عن علي بن الحسين المؤدب وغيره، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن عبد الله بن أبي الحارث الهمداني، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: ((خطب أمير المؤمنين g فقال: الحمد لله الخافض الرافع، الضار النافع، الجواد الواسع، الجليل ثناؤه، الصادقة أسماؤه، المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب، الذي جعل الموت بين خلقه عدلاً، وأنعم بالحياة عليهم فضلاً، فأحيا وأمات وقدّر الأقوات، أحكمها بعلمه تقديراً، وأتقنها بحكمته تدبيراً، إنَّه كان خبيراً بصيراً، هو الدائم بلا فناء والباقي إلى غير منتهى..))(٨٢).

ج. أخرج الصدوق في توحيده عن جابر بن يزيد الجعفي سبعة عشـر حديثاً في توحيد الله سبحانه وتعالى وعلمه وباقي صفاته وتنزيهه(٨٣).

٢. النبوة.

وقد روى جابر الجعفي عن أبي جعفر g في ما يتعلق بالنبي e من خُلُقه وخَلقه وكراماته وسائر أحواله الكثير، من ذلك:

أ. روى الكليني عن العدة، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: ((كان رسول الله e يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة ويقول: تهادوا فإنَّ الهدية تسل السخائم وتجلي ضغائن العداوة والأحقاد))(٨٤).

ب. روى أحمدبن محمَّدبن خالدالبرقي (ت٢٧٤هـ)،عن أبيه،عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: ((كان رسول الله e يأكل أكل العبد ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على الحضيض، وينام على الحضيض))(٨٥).

ج. روى الكليني عن العدة، عن أحمد بن محمَّد، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر g: صف لي نبي الله g قال: ((كان نبي الله g أبيض مشـرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الأطراف، كأنَّ الذهب أفرغ على براثنه، عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعاً من شدة استرساله، سربته سائلة، من لبته إلى سرته كأنَّها وسط الفضة المصفاة، وكأنَّ عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أنْ يرد الماء، وإذا مشى تكفأ كأنَّه ينزل في صبب، لم يرَ مثل نبي الله قبله ولا بعده e)(٨٦).

٣. الإمامة:

لقد تحدث أمير المؤمنين g في الكوفة في خطبه كثيراً عن اصطفاء الأنبياء عامة والنبي e خاصة، كما ذكر فضيلة أهل البيت في هذه الأمة، وكون الوصاية والولاية والوراثة فيهم ما أدى إلى غلبة جو التشيع لآل البيت على الكوفة ـ بدرجات متفاوتـة ـ ، وقد عُرِفَ عن (جابر) في المرحلة الثانية من حياته عند الاتصال بالإمام الباقر g اهتمامه بهذا البُعد من أبعاد اصطفاء أهل البيت i حتى كان ذلك منشأ لابتعاد الوسط الحديثي السُنّي عنه،إذ أخذوا عليهأنَّه كانيقول عنالإمام الباقرg أنَّهوصي الأوصياء، وكان يقول برجعة الأمر إليهم ـ وقد كان هو الصادق الأمين عندهم قبل هذه المرحلة ـ، وقد ذكر الفريقان عن جابر أنَّه روى أحاديث كثيرة لم يحدِّث بها أحداً، وورد أنَّ الإمام الباقر g أوصاه بعدم بثّها وإذاعتها، وقد يرجح تعلّق كثير منها بهذا الباب.

ومن الطبيعي أنَّ الجمهور لم يكونوا يستسيغون روايات له من هذا القبيل، فلم يرووها عنه، ولكن ورد ذلك في تراثه عند الإمامية، مع حاجته إلى التمحيص والنقد،
ومن ذلك:

أ. روى الكليني عن محمَّد بن يحيى، عن أحمد بن محمَّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: قال: ((لما نزلت هذه الآية: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} قال المسلمون: يا رسول الله ألستَ إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله e: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذّبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ))(٨٧).

ب. روى الكليني في الروضة عن علي بن محمَّد، عن علي بن العباس، عن علي بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g في قول الله a: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} قال: من تولى الأوصياء من آل محمَّد واتبع آثارهم فذلك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأوَّلين حتى تصل ولايتهم إلى آدم..)) (٨٨).

ج. روى الكليني في كتاب الحجة باب [٦٦] الإشارة والنصّ على الحسن بن  علي h (٨٩).

وفي باب [٧٠] الإشارة والنصّ على أبي عبد الله جعفر بن محمَّد الصادق h(٩٠).

د. وقد تقدم ـ ص: ٣٧ ـ عن البصائر والكافي في كتاب الحجة ما أورداه بشأن الإمامة وسيأتي في البحث عن كتاب التفسير لجابر أيضاً ما يتعلق بشأن الإمامة.

٤. البرزخ والمعاد:

وقد اعتنى جابر بنقل الروايات التي تتعلق بالموت وعوالم البرزخ والقيامة والجنّة والنّار، فمن ذلك:

أ. ما يتعلق بكيفية قبض الأرواح، فقد روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر g قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} قال: ((فإنَّ ذلك ابن آدم إذا حلَّ به الموت قال: هل من طبيب؟ [وزاد الصدوق: هل من دافع؟](٩١) إنَّه الفراق. أيقن بمفارقة الأحبة قال: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} التفت الدنيا بالآخرة ثُمَّ {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} قال: المصير إلى ربِّ العالمين))(٩٢).

وروى أحمد بن محمَّد بن خالد البرقي في المحاسن قال: حدَّثني داود بن سليمان القطان، قال: حدَّثني أحمد بن زياد اليماني، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر g، قال: ((قال رسول الله e: لقنوا موتاكم {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} فإنَّها أُنس للمؤمن من حين يمزق قبره(٩٣)..))(٩٤).

إلى غير ذلك من الروايات من قبيل كيفية قبض روح الكافر، وما يلاقيه في عالم البرزخ والقيامة، كما ورد في الاختصاص المنسوب إلى المفيد(٩٥).

ب. ما يتعلّق بعالم البرزخ، فقد روى الكليني بعدة أسانيد عن أمير المؤمنين g وأحد أسانيده عن طريق جابر الجعفي، وهو: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان. وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمَّد بن أبي نصر، والحسن ابن علي جميعاً، عن أبي جميلة مفضل بن صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى.. عن سويد ابن غفلة قال: قال أمير المؤمنين g: إنَّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأوَّل يوم من أيام الآخرة مَثُلَ له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول..))(٩٦).

ب. الأخلاق.

قد اعتنى جابر الجعفي بمكارم الأخلاق وتزكية النفس وتربيتها أيّما اعتناء وهذا يتمثّل بكثرة رواياته في هذه المضامين فقد نقل الكليني S في الكافي في كتاب الإيمان والكفر تسعاً وثلاثين رواية توزعت على جلِّ الأبواب التي عقدها في هذا الكتاب، وكانت مضامين رواياته O كالآتي: صفة الإسلام والإيمان والكفر والنفاق، صفة الإيمان، فضل الإيمان على الإسلام، الطاعة والتقوى وما يجب أنْ يتصف به الشيعة، الصبر، والصبر الجميل، العفو، الحلم، الرفق، الحبّ في الله تعالى والبغض فيه، ذمّ الدنيا والزهد فيها، القناعة، صلة الرحم، برّ الوالدين، الاهتمام بأمور المسلمين، إخوة المؤمنين بعضهم لبعض، حقّ المؤمن على أخيه وأداء حقه، زيارة الإخوان، المصافحة، إدخال السـرور على المؤمن، نصيحة المؤمن، علامات المؤمن وصفاته، الصبر على البلاء، شدة ابتلاء المؤمن، الإصرار على الذنب، الخرق، البذاء، السباب، من أطاع المخلوق في معصية الخالق، التوبة، الدعاء للإخوان بظهر الغيب، القول عند الإصباح والإمساء.

وروى الشيخ في التهذيب بإسناده عن الصفار، عن علي بن محمَّد، عن القاسم بن محمَّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر g قال: (سخاء المرء عمّا في أيدي الناس أكثر من سخاء النفس والبذل، ومروة الصبر في حال الفاقة والحاجة والتعفف والغنى أكثر من مروة الإعطاء، وخير المال الثقة بالله واليأس عمّا في أيدي الناس)(٩٧).

وأيضاً روى الشيخ في الأمالي ما لفظه: أخبرنا أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمَّد، قال: حدَّثنا محمَّد بن يعقوب، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمَّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمَّد بن علي h ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا،فودعناه وقلناله: أوصنايا بنرسول الله.فقال: ((ليعنقويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا..))(٩٨).

هذا بعض ما عند الخاصّة.

وأمّا عند العامّة فقد أخرج ابن أبي الدنيا (ت ٢٨١هـ) عن جابر في كتبه في الأخلاق عدة روايات نشير إلى عناوينها: الإخوان(٩٩)، الكِبر(١٠٠)، الشكر لله(١٠١) رواها جابر عن أبي جعفر الباقر g عن رسول الله e وهي فيما يقوله الإنسان عند شربه الماء، الهمّ والحزن(١٠٢) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}.

ج. الفقه.

قد وصف جابر في كلام غير واحد ممّن ترجمه من علماء الجمهور بأنَّه كان فقيهاً، ولكن على سبيل رواية الأثر دون الاجتهاد بالرأي، حتى نقل عن أبي حنيفة(١٠٣) أنَّه كان يروي في كل مسألة أثراً، روى العقيلي (ت ٣٢٢هـ) بإسناده إلى أبي يحيى الحماني يقول: (سمعت أبا حنيفة يقول... ما أتيته ـ أي جابر الجعفي ـ قط بشيء من رأيه(١٠٤) إلَّا جاءني فيه بحديث وزعم أنَّ عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله e لم يظهرها)(١٠٥).

وقد ذكره اليعقوبي (ت ٢٨٤هـ) في تاريخه في تعداد الفقهاء في أيام مروان بن محمَّد ابن مروان(١٠٦).

وقد كان جابر فقيهاً في المرحلة الأولى من حياته قبل استبصاره، وقد وصلت إلينا روايات من فقهه في تلك المرحلة في كتب الجمهور، لكن المذكور في أغلبها قليل. نعم، أكثر ابن أبي شيبة الكوفي (ت ٢٣٥هـ) في مصنفه النقل عنه، فقد أورد ـ مثلاً ـ ما رواه جابر عن الإمام الباقر g فكان أكثر من مائة رواية كلها في الأحكام الشرعية في جميع الأبواب الفقهية، وأورد أيضاً ما رواه جابر عن بقية أساتذته كعامر الشعبي وعطاء وسالم والقاسم والحكم وطاووس وعكرمة، فكان في الجزء الأول أربع وسبعين رواية، وقد نُقل رأيه في هذا الجزء في موردين(١٠٧). وأورد عنه في الجزء الثاني سبعاً وخمسين رواية، ووردت روايته في الجزء الثالث في كتاب الزكاة وأحكامها، وزكاة الفطرة، وأصناف المستحقين، وفي أحكام الاحتضار، وغسل الميت، وغسل المس، وصلاة الجنائز، وأحكام الدفن والقبور والنياحة، ووردت روايته في كتاب، النكاح، وفي كتاب الأيمان والنذور والكفارات في جميع فروعها، ووردت روايته في الجزء الرابع في كتاب الطلاق وأحكامه، وهكذا في بقية الأجزاء من المصنف في باقي الأبواب الفقهية.

ومن المظنون قوياً أنَّه أخذها من أصله خصوصاً مع اتحاد السند في أغلب الموارد.

وهذا يؤكد ما استظهرناه من أنَّ الرجل كان فقيهاً قبل استبصاره.

وأمَّا عند الإمامية فقد لاحظ النجاشي حول روايات جابر أنَّه: (قلّ ما يورد عنه شيء في الحلال والحرام).

وناقش في هذا القول غير واحد من المتأخرين منهم المحدِّث النوري S وتصدى للجواب عنه أوَّلاً: (إنَّ في كثير من أبواب الأحكام منه خبراً. وروى الصدوق في باب السبعين من الخصال عنه خبراً طويلاً فيه سبعون حكماً من أحكام النساء يصير بمنزلة سبعين حديثاً. وكتاب جعفر بن محمَّد بن شريح أكثر أخباره عنه، وأغلبها في الأحكام، فلو جمع أحد أسانيد جابر في الأحكام لصار كتاباً، فكيف يستقل هذا النقّاد مروياته في الحلال والحرام!).

وثانياً: (مع الغض نقول: ليس هذا وهناً فيه، فإنَّ القائمين بجمع الأحكام في عصـره كان أكثر من أنْ يحصـى، فلعلّه رأى أنْ جمع غيرها ممَّا يتعلّق بالدين كالمعارف والفضائل والمعاجز والأخلاف والساعة الصغرى والكبرى أهم، ونشـرها ألزم، فكلها من معالم الدين وشعب شريعة خاتم النبيين، كما أنَّ قلّة ما ورد من زرارة وأضرابه في هذه المقامات لا تورث وهناً فيهم، ولكل وجهة هو موليها)(١٠٨).

ونحا منحى الجواب الأول السيد الخوئي S قائلاً: (وهذا منه غريب، فإنَّ الروايات عنه في الكتب الأربعة كثيرة، رواها المشايخ)(١٠٩).

والواقع أنَّ أحاديث جابر في الفروع ليست بتلك القلّة فقد روى الكليني في الكافي في الفروع خمساً وثمانين رواية(١١٠)، وأخرج له الشيخ الصدوق في الفقيه ستاً وثلاثين رواية(١١١)، وأخرج له الشيخ الطوسي في التهذيب ستاً وخمسين رواية(١١٢).

نعم، هو أقلّ من الرواية عنه في العقائد والفضائل ونحوهما، كما هو أقلّ من روايات سائر مشاهير أصحاب الباقر والصادق h مثل زرارة ومحمَّد بن مسلم وبُريد وغيرهم.

وقد توجه قلّة رواياته في الفروع ـ على تقدير التسليم بها، إنْ لم يكن تراثه الفقهي ضاع فيما ضاع من تراثه التفسيري والفضائلي والتاريخي ـ إمَّا بأنَّ الأئمة g كانوا يعدّون بعض أصحابهم إعداداً تخصصياً فمنهم من يختص بالفقه، ومنهم من يختص بالكلام، ومنهم من يختص بغير ذلك من العلوم، وجابر قد خصّه الإمام الباقر g بتعليمه فضائل الأئمة i وذكر ما يمتازون به وما عندهم من العلوم بالإضافة إلى تأويل الآيات الشريفة وتفسير القرآن الكريم.

وإمَّا أنَّ الأجواء لم تكن تسمح له بعدُ ـ في أواخر بني أمية ـ بالتوسع في الحديث كما انفتح للجيل الذي بعده مثل زرارة ومحمَّد بن مسلم وأبان بن تغلب وأضرابهم ممّن أكثروا الرواية في الفروع.

٢. التفسير(١١٣).

اعتنى جابر بتفسير القرآن الكريم وبعلوم القرآن عامّة في كل من مرحلتي حياته، ففي المرحلة الأولى أخذ التفسير عن أساتذته من التابعين من أمثال مجاهد وعكرمة والشعبي وعبد الرحمن بن سابط، وطاووس بن كيسان اليماني، وعطاء بن رباح المكي وغيرهم، وفي المرحلة الثانية أخذ تفسير الآيات وتأويلها عن الإمامين الباقر والصادق h.

وقد كانت طريقة جابر في التفسير مبتنية على التفسير بالأثر، ولا نجد عنه تفسيراً للآيات موقوفاً عليه.

وقد نقل كل من الفريقين من تراث جابر في التفسير ما رواه في المرحلة التي انتمى إليها.

أمَّا علماء الجمهور فقد رووا عن جابر من غير أنْ يرد لديهم ذكر كتاب له في التفسير، وجلّ ما رووه عنه عن التابعين، وربَّما رووا عنه روايات عن الإمام الباقر g، وممّن روى عنه: 

١. تلميذه المشهور سفيان الثوري (ت ١٦١هـ)، حيث وردت روايته عن جابر في تفسيره في تسعة عشر موضعاً(١١٤).

٢. عبد الرزاق الصنعاني (ت ٢١١هـ) في تفسيره، حيث وردت روايته عن جابر في ستة مواضع، وهي تنتهي إلى مجاهد، وأرسل عن أبي بكر، وعن مجاهد عن ابن عباس(١١٥).

٣. محمَّد بن جرير الطبري (ت٣١٠هـ) في جامع البيان عن تأويل آي القرآن، فقد نقل في تفسيره عن جابر في مائتين وتسعة مواضع(١١٦).

وهي تنتهي إلى النبي e، وتقف تارة على بعض الصحابة مثل: أمير المؤمنين g، والحسن بن علي h، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وسلمان.

وأخرى على بعض التابعين مثل: الإمام الباقر g، وعكرمة، ومجاهد، وعامر الشعبي، وعبد الرحمن بن الأسود، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود، وعطاء بن أبي رباح، وأبي قرة، وعبد الرحمن بن سابط، والحكم ابن عتيبة، والحسنبن مسلم،وسعيد بنجبير، ومسـروقبن الأجدعبن مالكالهمداني الوادعي (ت ٦٣هـ). ومن المحتمل أنَّ هذه المواضع أخذها من كتاب جابر في التفسير.

٤. ابن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧هـ) في تفسير القرآن العظيم فقد أخرج عن جابر سبعة وسبعين حديثاً في تفسيره(١١٧).

٥. الجصاص (ت ٣٧٠هـ) في أحكام القرآن فقد أخرج في كتابه عن جابر عشـرين حديثاً (١١٨).

هذا بعض ما عند العامّة.

وأمَّا الخاصّة فقد ذكروا له في فهارسهم كتاباً في التفسير، حتى ورد ذكره في كتاب الاختصاص المنسوب إلى المفيد ـ في قسم منه يتضمن روايات عن أحوال الرجال على حدِّ رجال الكشـي ـ حيث جاء ذكره تحت عنوان: (جابر بن يزيد الجعفي صاحب التفسير)(١١٩).

وقد ذكر كُلاً من النجاشي والشيخ الطوسي كتاب التفسير لجابر..

أمَّا النجاشي فقد رواه من طريق الحافظ الزيدي المعروف (أحمد بن محمَّد بن سعيد ابن عقدة)، قال: (له كتب منها: التفسير، أخبرناه أحمد بن محمَّد بن هارون قال: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد قال: حدَّثنا محمَّد بن أحمد بن خاقان النهدي قال: حدَّثنا محمَّد ابن علي أبو سمينة الصيرفي قال: حدَّثنا الربيع بن زكريا الورّاق، عن عبد الله بن محمَّد عن جابر به. وهذا عبد الله بن محمَّد يقال له الجعفي ضعيف، وروى هذه النسخة أحمد ابن محمَّد بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله المحمَّدي، عن يحيى بن حبيب الذراع، عن عمرو بن شمر، عن جابر)(١٢٠).

وأمَّا طريق الشيخ S إلى التفسير فقد قال في ذكره: (أخبرنا به جماعة من أصحابنا، عن أبي محمَّد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي ابن همام، عن جعفر بن محمَّد بن مالك ومحمَّد بن جعفر الرزّاز، عن القاسم بن الربيع، عن محمَّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن منخل بن جميل، عن جابر بن يزيد)(١٢١).

والملاحظ أنَّ الرواة الثلاثة لكتابه في طريقي النجاشي والشيخ ـ وهم: عبد الله بن محمَّد الجعفي، وعمرو بن شمر الجعفي، ومنخل بن جميل الأسدي ـ ضعفاء جميعاً، وكذا جمع من الرواة المتأخرين للتفسير مثل: محمَّد بن علي أبو سمينة، وجعفر بن محمَّد بن مالك، ومحمَّد بن سنان، والقاسم بن الربيع، وقد ذكر النجاشي لـ (المنخل بن جميل) كتاب التفسير أيضاً، ويحتمل أنْ يكون هو كتاب جابر مع إضافات له كما يتعارف مثله لدى القدماء.

وقد ورد ذكر (تفسير جابر) في سؤال مروي عن راويين، الأول: جميل بن دراج، والآخر المفضل بن عمر الجعفي.

أمَّا الأوَّل فقد جاء في تأويل الآيات الظاهرة عن ابن الماهيار(١٢٢) أنَّه قال: حدَّثنا الحسين بن أحمد، عن محمَّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي الحسن g: أحدِّثهم بتفسير جابر؟ قال: (لا تحدِّث به السفلة فيذيعوه، أما تقرأ {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} قلت: بلى. قال: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأوَّلين والآخرين ولّانا حساب شيعتنا فما كان بينهم وبين الله حكمنا على الله فيه فأجاز حكومتنا، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه فوهبوه لنا، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحق من عفا وصفح)(١٢٣).

وأما الآخر فهو ما رواه المفضل عن الصادق g، فقد روى علي بن بابويه بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا محمَّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله g عن تفسير جابر؟ فقال: (لا تحدِّث به السفل، فيذيعوه، أما تقرأ في كتاب الله a: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}. إنَّ منّا إماماً مستتراً، فإذا أراد الله a إظهار أمره نكت في قلبه نكتة، فظهر وأمر بأمر الله a)(١٢٤).

وأيضاً روى هذه الرواية ولده الصدوق بقوله: حدَّثنا أبي، ومحمَّد بن الحسن Kقالا، حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدَّثنا محمَّد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله g عن تفسير جابر فقال: لا تحدِّث به السفل فيذيعوه، أما تقرأ في كتاب الله a: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}. إنَّ منّا إماماً مستتراً فإذا أراد الله a إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر الله a)(١٢٥).

وروى الشيخ الطوسي في الغيبة بإسناده عن جماعة، عن أبي المفضل، عن محمَّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمَّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى ابن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله g عن تفسير جابر. فقال: (لا تحدِّث به السفل فيذيعوه، أما تقرأ كتاب الله: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}. إنَّ منّا إماماً مستتراً فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تعالى)(١٢٦).

وروى الكشـي عن آدم بن محمَّد البلخي، قال: حدَّثنا علي بن الحسن بن هارون الدقّاق قال: حدَّثنا علي بن أحمد، قال: حدَّثني علي بن سليمان، قال: حدَّثني الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن حسان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت أبا عبد الله g عن تفسير جابر؟ فقال: (لا تحدِّث به السفلة فيذيعونه، أما تقرأ في كتاب الله a: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}. إنَّ منّا إماماً مستتراً فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه، فظهر فقام بأمر الله)(١٢٧).

ولكنَّ المفضل بن عمر ضعيف، والراويان عنه ـ عبد الله بن القاسم وعلي بن حسان ـ أيضاً ضعيفان.

والملاحظ هنا.. 

أوَّلاً: إنَّ الإمام g عند جواب كلا الراويين ـ جميل بن دراج والمفضل بن عمر ـ نهى عن التحدث بتفسير جابر إلى السفلة، ولم ينفه بأن يقول ـ مثلاً ـ هو مكذوب علينا، أو لم نقله وما شاكل ذلك، كما ورد في نظائره من تكذيب المغيرة بن سعيد، أو أبي الخطّاب وأصحابه، وهذا يدل على إقراره g لهذا التفسير في الجملة.

وثانياً: إنَّ الإمام g استشهد لكل من الراويين بآية وطبّقها كلٌّ بحسبه فذكر لجميل آيتي {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} وطبّقهما على أئمة الهدى i في يوم القيامة، مع أنَّ ظاهرهما يخصّ ربّ العزة. وذكر للمفضل آية {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} وأيضاً طبّقها g عليهم وهو أيضاً خلاف الظاهر، فَذِكْرَه g لهذه الروايات وتطبيقها على أئمة الهدى i ليلتفت السائل إلى وجه النهي عن التحدث بتفسير جابر ـ الذي يتضمن مثل هذا التأويل للآيات ـ إلى السفلة لأنَّ عقولهم لا تتحمل ذلك.

هذا، وقد ذكر العلّامة المجلسي في وجه النهي عن التحدث بتفسير جابر ما لفظه: (لعلَّ المراد أنَّ تلك الأسرار إنَّما تظهر عند قيام القائم g ورفع التقية. ويحتمل أنْ يكون الاستشهاد بالآية لبيان عسـر فَهم تلك العلوم التي يظهرها القائم g وشدتها على الكافرين، كما يدل عليه تمام الآية وما بعدها)(١٢٨).

وقد روى عن تفسير جابر صريحاً ابن شهرآشوب (ت٥٨٨هـ) في موضعين من مناقبه ممَّا يقتضي بقاء تفسير جابر إلى نهاية القرن السادس الهجري:

١. في مناقب أمير المؤمنين g قال: (تفسير جابر بن يزيد عن الإمام g أثبت الله بهذه الآية ولاية علي بن أبي طالب، لأنَّ علياً كان أولى برسول الله من غيره..))(١٢٩).

٢. في مناقب أمير المؤمنين g أيضاً قال: (تفسير جابر بن يزيد عن الإمام الصادق g قال في هذه الآية: ((فكانت لعلي من رسول الله الولاية في الدين، والولاية في الرحم، فهو وارثه كما قال أنت أخي في الدنيا والآخرة وأنت وارثي))(١٣٠).

قلت: وقد يتوقع أنْ يكون كتاب التفسير لجابر ممَّا ألّفه في المرحلة الثانية من حياته ولم يتضمن إلَّا ما رواه عن الباقر والصادق h من الروايات المتعلّقة بتفسير القرآن وتأويله.

وأمَّا الروايات التي رواها علماء الجمهور عنه في التفسير فتكون غير مضمّنة بالكتاب، كما كان هو المعروف في عهد جابر قبل انتشار التأليف والتصنيف بين المسلمين.

والذي يساعد على ذلك: أنَّ من البعيد مراجعة علماء الجمهور إلى كتاب يتضمن ما اعتقده جابر ورواه في المرحلة الثانية ـ ممَّا كان قد أورده في الكتاب بشهادة ما نقل عنه لدى الإمامية ـ كما هو ظاهر.

على أنَّه قد يحتمل أنْ يكون كتاب التفسير لجابر من ترتيب بعض تلامذته بأنْ كان لجابر حلقة يعلِّم فيها القرآن ويذكر فيها عَرَضاً تفسير بعض الآيات وتأويلها على ما كان متداولاً آنذاك، فدوّن هؤلاء ممَّا ألقاه بعنوان (تفسير جابر)، وقد مرّ أنَّ أحد رواة التفسير وهو (المنخل بن جميل الأسدي) ذكر له بنفسه كتاب تفسير أيضاً.

ولكن هذا الاحتمال بعيد؛ بالنظر إلى تعدّد الرواة لتفسيره، وإنْ لم يثبت إسناد صحيح إلى الجميع.

هذا، وقد نقل عن جابر في التفسير أصحاب التفسير بالأثر روايات كثيرة، لا يبعد أنْ يكون مأخذها أو مأخذ كثير منها تفسير جابر، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكر من نقل عن هذا التفسير في محل آخر.

مجالات روايات جابر في علوم القرآن.

لم تقتصر روايات جابر حول القرآن على التفسير، بل احتوى على سائر علوم القرآن، وسيأتي ـ إنْ شاء الله تعالى ـ تفصيل ذلك في محل آخر. 

الروايات التفسيرية والتأويلية لجابر عند الفريقين:

ينقسم ما رواه جابر حول آيات القرآن الكريم إلى تفسير وتأويل.

فالتفسير بيان لظاهر الآية وحقيقة المراد بها سواء في المراد الاستعمالي أم التفهيمي أم الجدي.

فالمراد الاستعمالي هو بيان المعنى اللغوي للكلمة والكلام. والمراد التفهيمي بيان المعنى الظاهر من الكلام ولو أفيد بالقرينة وكان كنائياً أو مجازياً. والمراد الجدي ما لم يفهم من الكلام بنفسه، ولكن قامت عليه القرائن المنفصلة كالعامّ الذي أريد به الخاصّ، والمطلق الذي أريد به المقيَّد وغير ذلك.

وأمّا التأويل فهو بيان لباطن الآية وما ينطبق عليه من مصاديق أو يجري عليه من أمثال.

وقد تكرر ذكر تأويل القرآن وباطنه في روايات أهل البيت i، وقد اشتهر جابر برواياته في تأويل القرآن وبيان باطنه إلَّا أنَّ جملة كبيرة من روايات جابر تتضمن تنزيل القرآن.

أ. الروايات التفسيرية لدى جابر عند الخاصّة.

أوَّلاً: آيات الأحكام.

بالمرور على كتاب الوسائل وغيره سوف نذكر ما ورد عن جابر في آيات الأحكام.

١. ما رواه الشيخ الكليني بإسناده عن جابر عن أبي جعفر g قال: قلت له: قول الله a {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال: (قال: اعملوا وعجّلوا فإنَّه يوم مضيّق على المسلمين فيه، وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيّق عليهم، والحسنة والسيئة تضاعف فيه. قال: وقال أبو جعفر g والله لقد بلغني أنَّ أصحاب النبي e كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس؛ لأنَّه يوم مضيّق على المسلمين)(١٣١).

٢. روى العياشي في تفسيره عن جابر، عن أبي جعفر g في قوله a: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. (قال: هم أهل اليمن)(١٣٢).

٣. روى الكليني بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g في قول الله a: {وَلَمْ يُصِـرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. قال: (الإصرار أنْ يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدِّث نفسه بالتوبة فذلك الإصرار)(١٣٣).

٤. روى الكليني بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر g قال في قول الله عزَّوجلَّ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}. قال: (قولوا للناس أحسن ما تحبون أنْ يقال لكم)(١٣٤).

٥. وروى المشايخ الثلاثة بإسنادهم عن جابر، عن أبي جعفر g قال: لمّا أنزل الله على رسوله e: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِـرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} قيل: يا رسول الله ما الميسر؟ فقال: (كل ما تقومر به حتى الكعاب والجوز. قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم. قيل: فما الأزلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها)(١٣٥)

٦. روى الصدوق والشيخ بإسنادهما عن جابر، عن أبي جعفر g في قوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} قال: (متعوهن: جملوهن بما قدرتم عليه، فإنَّهن يرجعن بكآبة وحياء وهَمٍّ عظيم وشماتة من أعدائهن، فإنَّ الله كريم يستحيي ويحب أهل الحياء، إنَّ أكرمكم عند الله أشدكم إكراماً لحلائلهم)(١٣٦).

٧. روى العياشي عن جابر، عن أبي عبد الله g قال: سألته عن قول الله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: (أمّا أنَّهم لم يتخذوهم آلهة إلَّا أنَّهم أحلوا لهم حلالاً فأخذوا به، وحرّموا حراماً فأخذوه به. فكانوا أربابهم من دون الله)(١٣٧).

٨. روى الصدوق في الخصال بإسناده عن جابر بن يزيد، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله e: (لعن الله المجادلين في دين الله على لسان سبعين نبياً، ومن جادل في آيات الله كفر قال الله: {مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}..)(١٣٨).

٩. روى المشايخ الثلاثة بإسنادهم عن جابر، عن أبي جعفر g قال: (قال رسول الله e: من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليزوي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مدّ البصر وفي وجهه كدوح تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ومن شهد شهادة حقّ ليحيي بها حقّ امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مدّ البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ثُمَّ قال أبو جعفر g: ألا ترى أنَّ الله a يقول: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}(١٣٩).

١٠. روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g في قول الله: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} قال: (هو أدنى الأدنى حرّمه الله فما فوقه)(١٤٠).

ثانياً: شأن النزول. 

١. روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g قال: (أمَّا قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} فإنَّها أنزلت في علي بن أبي طالب g حين بذل نفسه لله ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول الله e لما طلبته كفار قريش)(١٤١).

٢. روى ابن الماهيار بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g في قول الله a: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} قال:

(نزلت في قتل الحسين g. أي ولحق الحسين كان منصوراً)(١٤٢).

٣. وروى أيضاً بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g في قول الله a: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} قال: (نزلت في ولاية أمير المؤمنين g)(١٤٣).

ثالثاً: التفسير.

١. روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g: {نَسُوا اللَّهَ} قال: (تركوا طاعة الله. {فَنَسِيَهُمْ} قال: فتركهم)(١٤٤).

٢. وأيضاً روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g: (إنَّ بكة موضع البيت، وإنَّ مكة الحرم، وذلك قوله: فـ{مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا)(١٤٥). ولعل هذا من غرائب تفسيره.

رابعاً: الجري.

وفي هذا النوع تارة صُرّح بأنَّها من باب الجري، وأخرى لم يُصرح بذلك.

فمن الأوَّل:

١. ما رواه العياشي عن جابر عن أبي جعفر g قال: سألته عن تفسير هذه الآية من قول الله: {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا} قال: (جرت في القائم g)(١٤٦).

ومن الثّاني:

١. ما رواه العياشي عن جابر الجعفي عمّن حدَّثه قال: (بيّنا رسول الله e في مسير له إذ رأى سواداً من بعيد، فقال: هذا سواد لا عهد له بأنيس، فلمّا دنا سلّم فقال له رسول الله e: أين أراد الرجل؟ قال: أراد يثرب قال: وما أردت بها؟ قال: أردت محمَّداً قال: فأنا محمَّد، قال: والذي بعثك بالحق ما رأيت إنساناً مذ سبعة أيام ولا طعمت طعاماً إلَّا ما تناول منه دابتي قال: فعرض عليه الإسلام فأسلم قال: فعضته راحلته فمات وأمر به فغسل وكفّن، ثُمَّ صلى عليه النبي عليه وآله السلام، قال: فلمّا وضع في اللحد قال: هذا من {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}(١٤٧).

٢. وأيضاً روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g في قوله: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} قال: (مع النساء)(١٤٨). فالنساء بعض الخوالف.

٣. وأيضاً روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g في قوله: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ}. (كلما أراد جبار من الجبابرة هلكة آل محمَّد g قصمه الله)(١٤٩).

٤. وروى ابن الماهيار بإسناده عن جابر قال: سألت أبا جعفر g في قول الله a: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ}. قال: (ذلك عند قيام القائم)(١٥٠).

ب. الروايات التأويلية عند الخاصّة.

عُرف عن جابر اهتمامه بتأويل القرآن كتفسيره، وقد روى العامّة ذلك، ومنه ما ذكره العقيلي (ت ٣٢٢هـ) في ترجمة جابر: أنَّه (حدَّثنا الحميدي، قال: حدَّثنا سفيان، قال: سمعت رجلاً سأل جابر عن قوله: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}، قال جابر: لم يأتِ تأويل هذه الآية بعدُ)(١٥١).

وأيضاً أخرج الرازي (ت ٣٢٧هـ) في تفسيره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر محمَّد ابن علي {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّه مِنْ فَضْلِه}، قال: (نحن الناس)(١٥٢).

وهذه الروايات كثيرة عند الخاصّة، وهي على قسمين:

الأوَّل: تأويل الآيات بـ (آل البيت )i، ومن ذلك:

١. روى الكليني بإسناده عن علي بن محمَّد، عن علي بن العباس، عن علي بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر g تأويل عدة آيات في آل البيت i جمعها في رواية واحدة(١٥٣).

٢. روى العياشي عن جابر قال: سألت أبا جعفر g عن هذه الآية عن قول الله: {لَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}، قال: (تفسيرها في الباطن لما جاءهم ما عرفوا في علي كفروا به فقال الله فيهم: {فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} في باطن القرآن، قال أبو جعفر: فيه يعني بنى أمية هم الكافرون في باطن القرآن)(١٥٤).

٣. وروى العياشي أيضاً عن جابر قال: سألت أبا جعفر g عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، قال: (تفسير الهدى علي g قال الله فيه {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١٥٥).

الثاني: أمور أخرى، من ذلك:

١. روى العياشي عن جابر عن أبي جعفر g قال: سألته عن قول الله: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ} قال لي: (يا جابر أتدري ما سبيل الله؟ قال: لا أعلم إلَّا أنْ أسمعه منك، فقال سبيل الله علي وذريته i ومن قتل في ولايتهم قتل في سبيل الله، ومن مات في ولايتهم مات في سبيل الله)(١٥٦).

٢. وروى العياشي أيضاً عن جابر عن أبي جعفر g في قول الله {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} قال: (دين الله)(١٥٧).

ج. ما ورد عن جابر من التفسير عند العامة.

وقد ورد بعضها في آيات الأحكام وبعضها في أمور أخرى:

فمن الأوَّل:

١. ما رواه الطبري (ت ٣١٠هـ) بإسناده عن جابر، عن عمرو بن حبشـي، قال: (قلت لابن عمر: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنَّه أعلم مَنْ بقي بما أُنزل على محمَّد (صلّى الله عليه {وآله} وسلّم) فأتيتُه فسألتُه، فقال: إنَّه كان عندهما أصنام، فلمّا حُرِّمْنَ أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أُنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(١٥٨).

٢. وأيضاً روى الطبري بإسناده عن جابر عن مجاهد وعكرمة قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} غير باغٍ يبتغيه، ولا عادٍ يتعدّى على ما يمسك نفسه)(١٥٩).

٣. وروى أيضاً بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g: {وَابْنَ السَّبِيلِ} قال: المجتاز من أرض إلى أرض)(١٦٠).

٤. وأيضاً روى بإسناده عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن علي g أنَّه سئل عن قوله: {مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} قال: (هي مواقيت الشهر هكذا وهكذا وهكذا وقبض إبهامه فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فأتمّوا ثلاثين)(١٦١).

٥. وأيضاً روى في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g، قال: (امسح على رأسك وقدميك)(١٦٢).

٦. وروى ابن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧هـ) بإسناده عن جابر، عن عطاء ابن أبي رباح، عن عائشة في تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ} قالت: (هو قول: لا والله، وبلى والله، وهو يرى أنَّه صادق. ولا يكون كذلك)(١٦٣).

ومن الثاني:

أ. العامّ الذي يراد به الخاصّ.

من جملة أهم أبواب التفسير بيان المراد الجدّي بالعمومات، بمعنى ذكر القيود المنفصلة لها، وهو طبعاً يكون من خلال السُنَّة، وقد روى جابر جملة ممَّا يتعلق بذلك، منها:

١. روى ابن أبي حاتم الرازي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر g {وَالْغَارِمِينَ}. قال (المستدينين في غير فساد)(١٦٤).

٢. روى الطبري في تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} بإسناده
عن جابر، عن أبي جعفر g، قال: (الباز والصقر من الجوارح المكلّبين)(١٦٥).

ب. ما كان من قبيل الجري، فقد روى الطبري بإسناده عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ}، قال: المجاورون)(١٦٦).

ج. التفسير العامّ:

ومن نماذج ذلك:

١. ما رواه الطبري في تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} بإسناده عن جابر، عن مجاهد: (إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} قال: المؤمنين حقاً)(١٦٧).

٢. وأيضاً روى الطبري بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر g في قوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} قال: (الموت)(١٦٨).

٣. وروى ابن أبي حاتم الرازي بإسناده عن جابر عن أبى جعفر g: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}. قال: (النبي وعلي)(١٦٩).

٤. وأيضاً روى ابن أبي حاتم الرازي بإسناده عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: {وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} قالا: (حجّة ثابتة)(١٧٠).

د. ما ورد عن جابر في تأويل القرآن عند العامّة:

١. روى ابن أبي حاتم الرازي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر g:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، قال: (خير أهل بيت النبي e)(١٧١).

٢. وأيضاً روى بإسناده عن جابر عن أبي جعفر محمَّد بن علي g:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّه مِنْ فَضْلِه}، قال: (نحن الناس)(١٧٢).

٣. وأيضاً روى بإسناده عن جابر عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود في قوله: {أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّه آناءَ اللَّيْلِ}، قال: (هي صلاة الغفلة)(١٧٣).

٤. وأيضاً روى بإسناده عن جابر، عن رجل، عن أبي عبد الرحمن، عن علي قال: (قال رسول الله e: {فَإِذا أُحْصِنَّ}، قال: إحصانها: إسلامها)(١٧٤).

٥. وأيضاً روى بإسناده عن جابر، عن عامر قال: قال علي وابن مسعود: (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى}: المرأة)(١٧٥).

٦. وأيضاً روى بإسناده عن جابر، عن عامر، عن علي وعبد الله في قوله: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}، قالا: (هي المرأة)(١٧٦). ويمكن أنْ تكون هذه من باب الجري.

جابر وقصص الأنبياء i

من المجالات التي تتعلّق بالقرآن والتفسير قصص الأنبياء، وقد توّزعت روايات جابر في هذا الموضوع في كتب التفسير والحديث.

فعلى سبيل المثال: ورد في التفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم بإسناده عن جابر ـ في سند فيه إرسال ما بين أبيه وعمرو بن شمر ـ قصة يوسف g (١٧٧).

وأخرج الكليني في الكافي عن جابر كيفية إحرام موسى g من رملة مصر(١٧٨).

وأخرج الصدوق في أماليه عن جابر سؤال موسى g الجليل تبارك وتعالى عن أنَّه كيف يبقي الصغار بلامعيل!

(١٧٩).وأيضاً أخرجوصية الجليل تبارك وتعالى لموسى g(١٨٠).

وأخرج الشيخ الطوسي في أماليه عن جابر ما يتعلّق بسد يأجوج ومأجوج(١٨١).

هذا، وقد أخرج قطب الدين الراوندي (ت ٥٧٣هـ) في كتابه قصص الأنبياء عن جابر أربع عشـرة رواية، ومضامينها هي: وجود خلق قبل آدم كانوا يقدسون الله ويسبحونه. أمر الجليل تبارك وتعالى لآدم بعد هبوطه من الجنة بحراثة الأرض. كيفيّة قبض روح إدريس النبي g. أمر الله تبارك وتعالى لموسى g بتحبيبه إلى الخلق. موعظة لقمان لابنه في الموت والبعث. لا يقتل الأنبياء وأولادهم إلَّا أولاد الزنا. وصف عاقر ناقة صالح. أنَّ دانيال كان يعبّر الرؤيا وكان نبياً. إهلاك ستين ألفاً من خيار قوم شعيا g لمداهنتهم الأشرار. قصّة أصحاب الأخدود. عدم إمكان بناء مسجد في كورة من الشام على قبر نبي كذّبه قومه وقتلوه. إرسال النبي e أمير المؤمنين g والثلاثة إلى أصحاب الكهف. قصّة النفر الذين كانوا يسيحون في الأرض وإغلاق صخرة باب الكهف عليهم وكيف فتحه الله لهم. تعليم رسول الله e لجابر الأنصاري بأسماء الأئمة i من بعده(١٨٢).

٣. التاريخ.

مقدّمة حول عناية الشيعة بسيرة النبي الأكرم e وأمير المؤمنين والزهراء وأولادهما i:

لقد اعتنى الشيعة بتوثيق كلّ ما يتعلّق بأئمّة أهل البيت i من تاريخ الولادات والوفيات، بل وحتى الكرامات، وما جرى لهم من أحداث وحروب ومحن منذ العصر الأوَّل إلى زماننا، وبمراجعة كتب الفهارس يتّضح هذا بوضوح، وبتصفّح عاجل لفهرست النجاشي نذكر مَنْ ذكر له أصحاب الفهارس كتاب يتعلّق بتاريخ أئمّة أهل البيت i حسب الطبقات، وليس البناء على الاستيعاب:

الطبقة الرابعة: أبان بن تغلب له كتاب صفين.

الطبقة الخامسة:

١. أبان بن عثمان الأحمر له كتاب يجمع بين المبتدأ والمغازي والوفاة والردّة. ويبدوأنَّه مختصّ بدعوة الرسول الأكرم e.

٢. عبد الله بن ميمون القدّاح له كتاب مبعث النبي e وأخباره.

٣. لوط بن يحيى بن سعيد أبو مخنف (ت ١٥٧هـ) روى عن أبي عبد الله g من كتبه: الشورى، الجمل، صفّين، النهر، مقتل أمير المؤمنين g، قتل الحسن، قتل الحسين.

٤. هشام بن محمَّد بن السائب الكلبي (ت حدود ٢٠٤هـ) ـ من أصحاب أبي عبد الله g، ولعلّه من المعمّرين ـ من كتبه: الجمل، صفين، النهروان، مقتل أمير المؤمنين g، مقتل الحسين g، قيام الحسن g.

الطبقة السادسة: نصـر بن مزاحم المنقري (ت ٢١٢هـ) من كتبه: الجمل، صفين، النهروان، مقتل الحسين g.

الطبقة السابعة:

١. إبراهيم بن محمَّد بن سعيد الثقفي له كتب منها: السقيفة، الشورى، بيعة علي g، الجمل، صفّين، الحكمين، النهر، مقتل أمير المؤمنين g.

٢. إبراهيم بن سليمان بن عبيد الله له كتاب مقتل أمير المؤمنين g.

٣. إبراهيم بن إسحاق النهاوندي له كتاب مقتل الحسين g.

٤. إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت له كتاب الأنوار في تواريخ الأئمّة i.

٥. إسماعيل بن علي ابن أخي دعبل له كتاب تاريخ الأئمّة i.

٦. سلمة بن الخطاب له كتاب مولد الحسين بن علي g، كتاب وفاة النبي e. 

٧. علي بن الحسن بن علي بن فضّال له كتاب وفاة النبي e.

الطبقة الثامنة: ١. محمَّد بن زكريا بن دينار (ت ٢٩٨هـ) من كتبه: الجمل الكبير، صفّين الكبير، مقتل أمير المؤمنين g، مقتل الحسين g، أخبار فاطمة – ومنشؤها ومولدها.

٢. محمَّد بن وهبان له كتاب أخبار الصادق g مع المنصور، كتاب أخبار الرضا g، كتاب أخبار أبي جعفر الثاني g.

الطبقة التاسعة: 

١. أحمد بن محمَّد بن سعيد ابن عقدة له كتاب صلح الحسن ومعاوية.

٢. جعفر بن محمَّد بن مالك له كتاب أخبار الأئمّة ومواليدهم. 

٣. عبد العزيز بن يحيى الجلودي له كتب منها: الجمل، صفين، الحكمين، الخوارج، كتاب حروب علي g، كتاب تزويج فاطمة –، كتاب مقتل الحسين g، كتاب أخبار

علي بن الحسين، كتاب أخبار أبي جعفر محمَّد بن علي، كتاب أخبار المهدي g.

الطبقة العاشرة: 

١. الحسن بن علي أبو محمَّد الأطروش له كتاب أنساب الأئمّة ومواليدهم إلى صاحب الأمر g. 

٢. أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع له كتاب الصفاء في تاريخ الأئمّة.

٣. صالح بن محمَّد الصرامي له كتاب تاريخ الأئمة i. 

٤. عبيد الله بن أبي زيد أحمد الأنباري (ت ٣٥٦هـ) له كتاب أخبار فاطمة –.

الطبقة الحادية عشرة: أحمد بن محمَّد بن جعفر الصولي له كتاب أخبار فاطمة –(١٨٣).

هذه بعض النماذج، ومن هذا العرض يتّضح عناية علماء مذهب أهل البيت ومحدِّثيهم بتوثيق كلّ ما يتعلّق بحياة أئمّتهم i.

هذا، وجابر الجعفي هو أيضاً من العلماء الذين اعتنوا بالجانب التاريخي وتوثيق ما حصل لأهل البيت i ونقله للأجيال اللاحقة، فإنّ لجابر عدّة كتب في التاريخ ذكرها النجاشي، وهي: كتاب الجمل، وكتاب صفين، وكتاب النهروان، وكتاب مقتل أمير المؤمنين g، وكتاب مقتل الحسين g. 

وطريقه إليها هو ما ذكره بقوله: (روى هذه الكتب الحسين بن الحصين العمي قال: حدَّثنا أحمد بن إبراهيم بن معلّى قال: حدَّثنا محمَّد بن زكريا الغلابي وأخبرنا ابن نوح، عن عبد الجبار بن شيران الساكن نهر خطى، عن محمَّد بن زكريا الغلابي، عن جعفر بن محمَّد بن عمّار، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر بهذه الكتب). 

وقد يضاف إلى هذه الكتب كتاب (حديث الشورى) الذي ذكر الشيخ أنَّه قد رواه بعض الرواة ـ وهو عمرو بن ميمون ـ عن جابر(١٨٤)، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ تفصيل ذلك في محلّ آخر.

هذا تمام الكلام في هذا المقام ويقع الكلام ـ إنْ شاء الله تعالى ـ في المقام الثالث في وثاقة جابر الجعفي عند الفريقين.

وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على خير خلقه محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.

 

 

 

 


(١) تحف العقول عن آل الرسول: ٢٨٤ ـ ٢٨٦.

(٢) المصدر السابق: ٢٨٦ ـ ٢٨٨.

(٣) الكافي: ٢/ ١٣٢ ح١٦ باب ذمّ الدنيا والزهد فيها.

(٤) لاحظ سلسلة التراث العلوي: ٦/ ٦٠ ـ ١٦٢.

(٥) المصدر السابق: ٦/ ٢٩٢.

(٦) المصدر السابق: ٦/ ٣٤٥.

(٧) لاحظ رجال النجاشي: ١٢٩ رقم: ٣٣٢.

(٨) هذا كتاب عثر الموظفون الروس ما بين عام ١٩٠٠ و١٩١٨ على عدّة نسخ منه باللغة الفارسية ولكنَّه يحمل عنواناً عربياً هو (أمُّ الكتاب). وصلت أوَّل نسخة منه في عام ١٩٠٠ إلى مدينة بطرسبورغ، وأحضـر في عام ١٩١٠ مخطوط آخر كتب في سنة ١٩٠٦ اقتناه في (وخان) في وادي نهر (وخان) ما بين پامير وهوندوكوش الواقعة في أقصى شمال شرق أفغانستان، وأضيف في سنة ١٩١٤ مخطوط ثالث إلى الأوَّلين، وهو أقدم من الكل يرجع إلى عام ١٨٧٩، وألحقت سنة ١٩١٨ نسخة رابعة. نشـر إفانوف ـ الذي كان عاملاً في متحف بطرسبورغ، والذي أقام في الهند بعد الثورة الروسية ـ سنة ١٩٣٢ ملاحظاته حول (أمّ الكتاب) لإسماعيلية وسط آسيا، وقد وجد لدى الإسماعيليين الهنود نسخاً أخرى للكتاب إلَّا أنَّها أحدث، منها مخطوطان في سنة ١٩٣١ في بومباي، ثم نسخة أخرى مؤرخة في ١٣٤٧هـ /١٩٢٨، من الوادي العالي تشيترال الذي يصب في نهر كابول ـ التابع اليوم لمنطقة الحدود الباكستانية الشمالية الغربية ـ، وأخيراً نسخة ترجع إلى سنة ١٩٣٢ من منطقة هُنزة في بلتستان الواقعة في جلجات المطل على نهر كراكورام شمالي نهر الهندوس الأعلى.

ونشر إفانوف في عام ١٩٣٦ النصّ كاملاً في دورية الإسلام مع مقدمة مسهبة، وترجم النصّ في عام ١٩٦٦ الباحث في علم الأديان (پيو فیلیپاني ـ رونكوني) إلى الايطالية.

وهذا الكتاب تتوارثه الطوائف الإسماعيلية في منطقة پامير ـ هوندوكوش ـ كراكورام. لقد شهد شمال شرق أفغانستان أرسالات إسماعيلية في القرن الحادي عشـر الميلادي. وكان المؤلف الإسماعيلي المهم (ناصر خسرو) يقيم في تلك الفترة في (جمغان) في منطقة (بَدَخشان) غير بعيد عن تشيترال وواخان / كوكچه، إلَّا أنَّ فلادمير إفانوف قد أكدّ في ملاحظاته أنَّ الأمر لا يتعلق بكتاب إسماعيلي؛ وذلك لأنَّ ذكر اسم الزنديق الكوفي (أبو الخطّاب) فيه بالتبجيل مراراً وتكراراً يعكس المذهب الأصلي لفرقة الخطّابية، مع ملاحظة التشابه بين تعاليم النصيرية السورية وبين (علي إلهي أو أهل الحق).

ولكنَّه عبّر في مقدمة طبعته للنصّ بحذر أكثر؛ إذ إنَّه يفترض أنَّ النصّ يصنّف في عداد المرحلة المبكرة جداً من تطور الشيعة، ومع ذلك يفترض أنَّ الأصل بما أنَّه في مكانٍ ما بالقرب من الإسماعيلية فمن الممكن أنْ يعكس اعتقادات أحد فروع القرامطة بالقرب من خليج فارس، حيث إنَّه يجب أنْ يكون قد صنّف.

لقد رأى إفانوف في الملاحظات أنَّ جنوب ما بين النهرين هو الوطن المحتمل للنصّ أيضاً، مستنداً قبل كل شيء على الأفق الجغرافي الذي يظهره الكتاب، واستدل إفانوف على زمن تصنيف النصّ من خلال ذكر إمبراطورية الخزر في جنوب روسيا وأرّخه ـ على أبعد تقدير ـ في القرن الرابع الهجري. ومن ثَمَّ قدّم ـ في مقالته (عرض قصير للإسماعيلية) عام ١٩٥٢م ـ فترة النشوء إلى القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي. وكانت حجّته على ذلك أنَّه لم يتم ذكر مدينة بغداد المبنية عام ١٤٥هـ/ ٧٦٢م بأيّ كلمة.

وأمَّا فیلیپاني ـ رونكوني فهو يخمّن أنَّ أصل الكتاب يعود إلى ما قبل الإسلام، ويفترض وجود مذهب فارسي ذي أصل مانوي مجوسي لأصل الكتاب متوسط ما بين غنوصية يُرجّح أنْ يكون أصلها سورياً (بابلياً) وبين تقنية سوتريولوجية تنتسب إلى شيفا الآلهة الهندية. ويرتب على هذا أنَّ هذه الفرقة أسلمت بتأثير من الغلوّ الكوفي إسلاماً سطحياً، ثم قادت هذه الأسلمة إلى تقارب ما بين المذهبين الأصليين من جهة وبين المذهب الخطّابي، وتكون التبعية الشكلية للإسماعيلية قد تمت في عهد لاحق. إذاً قيام الفرقة المانوية ـ البوذية في شرق إيران قبل الإسلام، ثم أسلمة عن طريق زنادقة كوفيين فارين، ومن بعد ذلك التأقلم مع المذهب الإسماعيلي.

ولكنْ فیلیپاني ـ رونكوني يعتبر مجرد ذكر أبي الخطّاب المتكرر لا يكفي لوصف الكتاب كلّه بصفة الخطّابية، ولاسيّما أنَّ تعاليم أبي الخطّاب تمحورت في الإمام الصادق g في حين يتصدر نصّنا الإمام الباقر g، ولذلك فهو يعقد صلة ما بين طبقة الشيعة الغلاة والمغيرة.

وكان (يوسف فإن إِس) أوَّل من أعرب في مراجعته لترجمة فیلیپاني ـ رونكوني عن شكّه في تركيب الأفكار المعقّد هذا، وممّا يدل على أنَّ النصّ نقل عن العربية ليس فقط بقاء العديد من المصطلحات العربية في السياق الفارسي التي يستدل عليها في آداب الغلاة العرب، بل وقبل كل شيء من موقع النصّ أُسيء فَهْم الحرف الثّالث من الأبجدية العربية (الجيم)؛ إذ أنَّ ما فُهِم منه فَهْماً مغلوطاً هو (جمل) وتمّ نقله إلى الفارسية بصورة مغلوطة لا مدلول لها (أشتُر) أي (جمل).

وأمَّا (ف. ماديلونغ W.Madelung) فهو أيّد (يوسف فإن إِس) وذكر في مراجعته للترجمة أنَّ هذا الكتاب بجملة تعاليمه ومصطلحاته مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع آراء الغلاة الشيعة، ولاسيّما آراء النصيريين وكتاب الأظلة الذي يتناقلونه، ولا حاجة إلى الرجوع إلى قرائن هندية ـ بوذية، إذ ينقص لذلك مصطلحات أصلية من ذلك الوسط نقصاناً تاماً، في حين يُظهِر قاموس الغلاة الكوفيين المعروف على كل وفرته أنَّ هذا الكتاب ـ وفي أجزائه القديمة أيضاً ـ نتاج للغلاة الكوفيين واضح الدلالة وضوحاً بيّناً. ولكنَّه لا يريد تحديد نشوء الكتاب قبل بداية القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي.

ويمكن تقسيم الكتاب من حيث محتواه إلى أربعة فصول: ١. العنوان والمقدمة (١ ـ ١٢). ٢. الطرفة المدرسية: وهي أنَّ الإمام الباقر g يعلن في ربيعه الخامس عن نفسه لمعلمه عبد الله بن سبأ في معجزة تجلي أنَّه هو الله (١٢ ـ ٥٣)، وينتج بذلك سؤال مع جواب مطابق (٥٣ ـ ٥٩). ٣. رؤيا جابر (٦٠ ـ ٢٤٨)، رواية متسلسلة: يكشف الإمام الباقر عن سرّ المعرفة، خاموس الخالق، خشوع أمير الأرواح سلمان، تكبّر العدو عزرائيل، خلق قبب السموات السبع (ديوانات)، خلق الأرض من خلال ملائكة الكواكب السبعة، هبوط الأرواح النورانية المرتابة على الأرض وانتقالها الفردوسي في أجساد نورانية، تضليلها بالجنس، وظلامها الذي عقب ذلك إلى أظلة وتكثيفها في أبدان من لحم ودم. وتنتهي الرواية برجاء الأرواح المحبوسة في الأبدان كي تخلص للنجاة وبوعد الله لها أنْ تعاد بشروط عيّنة إلى ملكوت النور.

هذا، والارتباط بين الفصل الثاني والثالث غير وثيق. 

والفصل الرابع وهو الجزء الأكبر (٢٤٨ ـ ٤١٩) يتكون من عدد من الأسئلة لا علاقة لبعضها ببعض آخر موجهة للإمام حول كل المسائل الممكنة. يظهر هذا الفصل بوضوح أنَّه مضاف لاحقاً من مصنف ما؛ لأنَّ الأحاديث التي جمعت فيه تنقصها الصلة الداخلية المتينة مع الفصل الثالث نقصاناً تاماً.

لاحظ الغنوصية في الإسلام لهاينس هالم: ٨١ ـ ٨٦. (منشورات الجمل. ط. الأولى. ٢٠٠٣م. ترجمة: رائد الباش).

(٩) لاحظ الغنوصية في الإسلام لهاينس هالم: ٩٩ـ١٠٢. (منشورات الجمل. ط. الأولى. ٢٠٠٣م. ترجمة: رائد الباش).

(١٠) لاحظ المصدر السابق: ١٠٣ـ١٠٥. وقد عنونت هذه الفقرة بـ(شخص الإله الأعلى وجوارحه الخمس).

(١١) هذه من الإضافات الحديثة للطبقة (ب) على أمّ الكتاب. لاحظ المصدر نفسه: ١٠٥ـ ١٠٦.

(١٢) لاحظ المصدر السابق: ١٠٦ـ١١٠.

(١٣) لاحظ المصدر السابق: ١١٠ـ ١١٢.

(١٤) لاحظ المصدر السابق: ١١٢ـ ١١٣.

(١٥) لاحظ المصدر السابق: ١١٤.

(١٦) لاحظ المصدر السابق: ١١٤ـ ١١٩.

(١٧) لاحظ المصدر السابق: ١٢٠ـ١٢٤.

(١٨) لاحظ المصدر السابق: ١٢٤ـ١٢٦.

(١٩) لاحظ المصدر السابق: ١٢٧ـ١٢٩.

(٢٠) لاحظ المصدر السابق: ١٢٩ـ١٣٠.

(٢١) لاحظ المصدر السابق: ١٣٠ـ١٣٥.

(٢٢) ويتضح ذلك ببيان أمور:

الأمر الأوَّل: ترجمة محمَّد بن عبد الله بن مهران.

قال النجاشي (رجال النجاشي: ٣٥٠ رقم: ٩٤٢): (محمَّد بن عبد الله بن مهران أبو جعفر، الكرخي من أبناء الأعاجم، غالٍ، كذّاب، فاسد المذهب، والحديث مشهور بذلك. له كتب، منها: كتاب الممدوحين والمذمومين، كتاب مقتل أبي الخطّاب، كتاب مناقب أبي الخطّاب، كتاب الملاحم، كتاب التبصـرة، كتاب القباب، كتاب النوادر، وهو أقرب كتبه إلى الحق، والباقي تخليط. قاله ابن نوح، أخبرنا ابن نوح قال: حدَّثنا الحسن بن حمزة الطبري قال: حدَّثنا ابن بطة قال: حدَّثنا البرقي عنه).            

وذكر النجاشي (رجال النجاشي: ٣٤٨ رقم: ٩٣٩، والشيخ في الفهرست: ٢٢٢ رقم: ٣٧): أنَّ ابن الوليد ومن تبعه كابن بابويه وابن نوح استثنوا من روايات نوادر الحكمة ما رواه عدة رجال، منها ما يرويه عن (محمَّد بن عبد الله بن مهران).                                                                                         

وقال الكشـي (اختيار معرفة الرجال: ٢/ ٧٤٢) عنه: إنَّه (غالٍ)، ونقل (٢/ ٨٤١) عن محمَّد بن مسعود أنَّه: (متهم، وهو غالٍ).                              

 وقال الشيخ في رجاله (ضعيف). وقال مرة أخرى: (٣٩١): (الكرخي، يرمى بالغلوّ، ضعيف).

وقال ابن الغضائري (٩٥ رقم:٢٤): (الكَرْخيُّ، أبُو جَعْفَر. غالٍ، ضَعِيْفٌ، كذّابٌ. له كِتابٌ في المَمْدُوحين والمَذْمُومين يَدُلُّ على خُبْثِهِ وكِذْبِهِ).

الأمر الثّاني: الظاهر أنَّ ابن مهران من الغلاة المخمسة كما يجري عليه هذا الكتاب، قال الشيخ في الغيبة (٤١٤ رقم: ٣٩٠): (وقال أبو نصـر هبة الله بن محمَّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر محمَّد بن عثمان العمري ´: إنَّ أبا دلف محمَّد بن مظفر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمساً مشهوراً بذلك؛ لأنَّه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم، وكان الكرخيون مخمسة لا يشك في ذلك أحد من الشيعة، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به ويقول: نقلني سيدنا الشيخ الصالح (قدس الله روحه ونوّر ضريحه) عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح، يعني أبا بكر البغدادي).

قلت: وأبو جعفر الكرخي هو محمَّد بن عبد الله بن مهران.

والواقع: أنَّ تتبع أحاديث محمَّد بن عبد الله بن مهران المروية عنه دالة على وضعه للحديث حتى في غير المعارف، فطالما تُلُقيَ ما رواه غريباً وأوجب إشكالاً من قبيل حديثه الذي روى فيه عشـرين خصلة للمؤمن. (لاحظ الخصال. باب في حبّ أهل البيت i عشـرين خصلة: ٥١٦/ ٢).

ومن قبيل رواية غريبة موافقة لرواية أخرى واهية ـ وهي ما رواه في الفقيه: ٣/ ٢٩ ح٣٢٦١ عن صفوان بن مهران ، عن عامر بن السمط، عن علي بن الحسين h ـ في أنَّ من زنى بأخته يضـرب بالسيف، فإنْ لم يمت يحبس أبداً حتى يموت. (لاحظ الكافي: ٧/ ١٩٠ ح٣).

وهما مخالفتان لسائر الأخبار التي يستفاد منها أنَّ حدّه القتل.

ومنها: أخبار رواها الكشـّي في مدح رجال الغلاة كـ(محمَّد بن سنان)، أو رجال يغالي فيهم الغلاة، أو إهانة رجال من أهل الفقه والحديث مثل يعقوب بن شعيب. (لاحظ رجال الكشـي: ٢/ ٨٤٨ رقم: ١٠٩٠ و٨٥٠ رقم: ١٠٩٣، ٦٧٨ رقم: ٧١٣، ٧٤١ رقم ٨٣١).                                                        

الأمر الثّالث: ترد القباب في أحاديث الغلاة والضعفاء على وجوه ثلاثة:

أحدها: القباب النورانية، كما ورد في أمِّ الكتاب.

وثانيها: القباب المسكونة من بشر ليسوا من نسل آدم.                                                                          

 والأحاديث الضعيفة التي وضعها الغلاة في هذا الباب كثيرة جُمع جملة منها في بابٍ في بصائر الدرجات، وقد جاء استعمال لفظ القبة تعبيراً عنها في غير واحد منها، وقد جاء في روضة الكافي (٨/ ٢٣١) تحت عنوان (حديث القباب) حديثان: ١. محمَّد بن يحيى، عن أحمد بن محمَّد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر g ليلة وأنا عنده ونظر إلى السماء فقال: (يا أبا حمزة هذه قبة أبينا آدم...) إلى آخر الحديث.

٢. وعنه، عن أحمد بن محمَّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن عجلان أبي صالح قال: دخل رجل على أبي عبد الله g فقال له: جعلت فداك هذه قبة آدم g؟ قال: نعم، ولله قباب كثيرة، إلَّا أنَّ خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثون مغرباً أرضاً بيضاء مملوة خلقاً يستضيئون بنوره لم يعصوا الله a طرفة عين ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق، يبرؤون من فلان وفلان).

وهذا الحديث رواه في بصائر الدرجات طوراً بهذا الإسناد بعينه ولكن فيه (عن درست عن عجلان) (٥١٣ ح١٠ ج: ١٠ باب: ١٤). وآخر: عن محمَّد بن هارون عن أبي يحيى الواسطي عن سهل بن زياد (هكذا والصواب حذف (محمَّد بن هارون) بقرينة ما في الكافي، وكون (سهل) تحريف (سهيل) وهو اسم أبي يحيى الواسطي.

وأضاف في ذيله: (وهم لا يدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه. فقال للسائل: أتعرف إبليس؟ قال: لا، إلَّا بالخبر. قال: فأمرت باللعنة والبراءة منه؟ قال: نعم. قال: فكذلك أمر هؤلاء). (ح٨).

وفي البحار (٣٠/ ١٩٨ ح٦٤) قال: (أقول: رواه الحسن بن سليمان من بصائر سعد بن عبد الله مثله).

والحديث الأوَّل المتقدّم صحيح الإسناد، ولكن من المحتمل أنْ يكون من دسّ الغلاة في كتب الشيعة.

وثالثها: قباب نورية، هي مساكن للمؤمنين في الجنة، وهو قد يرد في أحاديث غير الغلاة أيضاً، ولكنها في رواياتهم أكثر. ويحتمل ابتداءً أنْ يكون المراد بـ (القباب) كُلاً من المعاني الثلاثة، إلَّا أنَّه قد يرجح احتمال أنْ يكون المقصود (القباب النورانية) التي تمثل حقيقة الكون وباطنه العامّ في منظور الغلاة، وليس جزئية من جزئيات الكون الظاهر كما في المعنى الثّاني، أو الآخرة كما في المعنى الثّالث، بل لعلّ المعنى الثالث لا يناسب عقائد جمع من الغلاة القائلين بالأكوار والأدوار دون جنة أو نار.

جاء في كتاب التوحيد للمفضّل (المجلس الثاني: ٥٠). (قال) أي الصادقg (الحمد لله مدبّر الأدوار) وهي مصدر بمعنى الحركة{، ومعيد الأكوار، طبقاً عن طبق، وعالماً بعد عالم). 

قال العلّامة المجلسـي في البحار (٣/ ٩٢): (الأكوار جمع كور بالفتح، وهو الجماعة الكثيرة من الإبل والقطيع من الغنم، ويقال: كل دور كور. والمراد إمَّا استيناف قرن بعد قرن وزمان بعد زمان،
 أو  إعادة أهل الأكوار والأدوار جميعاً في القيامة، والأوَّل أظهر).

وللغلاة اهتمام كبير بتصوير باطن العالم أنواراً عظيمة، ومن أصول مصنفاتهم كتاب (الحجب والأنوار) الذي يوجد في التراث العلوي (لاحظ سلسلة التراث العلوي: ٦/ ٩ ـ ٩٤)، كما ألّف غير واحد من الغلاة في (الأنوار) كمحمَّد بن علي الشلمغاني، وكأنَّ بهذه المناسبة سُئِلَ الأئمة المتأخرون الذين أزداد الغلوّ في زمانهم عن آية النور، فأجابوا بأنَّ المراد به أنَّه تعالى: (هادٍ لأهل السماء، وهادٍ لأهل الأرض). رواه الكليني عن الرضا g. (الكافي: ١/ ١١٥ ح٤)، ورواه الطبرسي في الاحتجاج (٢/ ٢٥١) فيما سئل عنه الهادي g.

الأمر الرابع: من الملحوظ ذكر أبي الخطّاب في الكتاب على الرغم من أنَّ الكتاب رواية عن جابر، وجعفر الجعفي، حيث ورد فيه: (فقال باقر العلم.. لقد بشّـر أبو الخطّاب وحده علناً بهذا النور وهذا البيان: يا أيها العرب والعجم، كونوا شهدائي أنَّه لا إله في الثمانية عشر ألف عالم إلَّا علي بن أبي طالب، حتى أمر مولانا، جدي، بقتل أبي الخطّاب وحرقه. يا مستنيرون، لو لم يَقتل جدُنا أبا الخطّاب ولم يحرقه فكان سيقول ما يجب أنْ يقال بعد تسع مائة وأربعين سنة). لاحظ الغنصوية في الإسلام: ٩٧. وأيضاً ورد: (فقرأ جابر اللوح وسقط على الأرض وخرّ ساجداً وقال: اشهد به سبوح قدوس، قدوس سبوح محمَّد وعلي ربّ الملائكة والروح، محمَّد والمصطفى وواليه السلسل [هذا اسم مستعار يعبّر  به الغلاة عن سلمان، وأيضاً يعبرون عنه بالسلسبيل]، وأبا الخطّاب ..). المصدر:١٠٥. وهذا يناسب اهتمام ابن مهران بـ(ابن الخطّاب) بين الغلاة وتأليفه في (مقتله) و(مناقبه).

الأمر الخامس: أنَّ من المتوقع في شأن محمَّد بن عبد الله بن مهران ـ كغيره من الغلاة الوضّاعين ـ
 أنْ يروي عن جابر روايات يختصّ بها، ولعل من جملتها روايته ـ المشار إليها آنفاً ـ التي رواها الصدوق في الخصال عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدَّثني محمَّد بن عبد الله بن مهران قال: حدَّثني علي بن الحسين بن عبيد الله اليشكري قال: حدَّثني محمَّد بن المثنى الحضـرمي، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر g قال: (للمؤمن على الله a عشـرون خصلة يفي له بها، على الله تبارك وتعالى أنْ لا يفتنه ولا يضله ...). (الخصال. باب في حبّ أهل البيت i عشرين خصلة: ٥١٦/ ٢).                                                                         

وهذه الرواية من المعضلات لمخالفتها لسائر الأخبار في ابتلاءات المؤمن في هذه الحياة. ومن ثَمَّ عقد المحدِّث الحرّ العاملي ـ المعدود من جملة المحدِّثين الذين عرفوا بسعة مذاقهم في قبول الأخبار ـ في الفوائد الطوسية فائدة في حلّها، على أنَّه ذكر من جملة وجوه الحلّ كون ابن مهران غالياً كذاباً. (لاحظ الفوائد الطوسية: ٣٩٣ فائدة: ٩٠).

والواقع أنَّ من المحتمل القريب لمن وقف على أفكار الغلاة وتلفيقاتهم أنْ تكون هذه الرواية من جملتها في مقام العناية بمزايا المؤمن الذي يُطلق عندهم على من كان على المعرفة التي يعتقدون بها.

(٢٣) وهو المستشـرق (ف. ماديلونغ W.Madelung). وقد تقدم نقل كلامه في الهامش الأوَّل ممَّا يتعلق بهذا الكتاب.

(٢٤) لاحظ سلسلة التراث العلوي: ٣/ ٢١٠ ـ ٢٢٨.

(٢٥) لاحظ المصدر السابق: ٣/ ٢١٦.

(٢٦) لاحظ المصدر السابق: ٣/ ٢١٩.

(٢٧) لاحظ سلسلة التراث العلوي: ٢/ ١٨١ ـ ١٨٤.

(٢٨) الهداية الكبرى: ٧٧ ـ ٨١ رقم: ٢٧.

(٢٩) لاحظ الهداية الكبرى: ٢٢٦ ـ ٢٣٢، نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة i: ١٢٠ ـ ١٢٥ ح١٢، بحار الأنوار: ٢٦/ ٨ ـ ١٧ ح٢، عيون المعجزات: ٦٩ ـ ٧٤.

(٣٠) بحار الأنوار: ٤٦/ ٢٧٤ ح٨٠.

(٣١) الكافي: ١/ ١٢٣ ح٢ باب تأويل الصمد.

(٣٢) بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمَّد: ٣٢٠ ج: ٦ ب: ١٤ في أنَّ الأئمّة i لا يقولون برأيهم ح١.

(٣٣) الكافي: ٢/ ٤٩ ـ ٥٠ ح١ باب: صفة الإسلام والإيمان والكفر والمعاد.

(٣٤) المصدر والموضع السابق: ح١.

(٣٥) المصدر السابق: ٧٤ ـ ٧٥ باب الطاعة والتقوى ح٢.

(٣٦) تاريخ الإسلام: ٨/ ٥٩.

(٣٧) يلاحظ الكامل في ضعفاء الرجال: ٢/ ١١٤.

(٣٨) يلاحظ المصدر السابق: ٢/ ١١٧.

(٣٩) الرجل لم يوثق في كتب الرجال صريحاً. نعم، روى الشيخ الطوسي في الغيبة: ٢٩٠ بإسناد صحيح إلى إسحاق بن يعقوب أنَّه سأل النائب الثاني للحجة (عجّل الله فرجه الشـريف) أن يوصل كتابه وفيه أسئلة إلى الإمام g فورد التوقيع: ((... وأمَّا محمَّد بن شاذان بن نعيم فإنَّه رجل من شيعتنا أهل البيت)).

(٤٠) هذا الرجل ليس له توثيق في كتبنا الرجالية ماعدا ما ذكره محمَّد بن شاذان هنا.

(٤١) اختيار معرفة الرجال: ٢/ ٧٨٠ رقم: ٩١٧.

(٤٢) المصدر السابق: ٢/ ٧٨٠ رقم: ٩١٤.

(٤٣) نَفَس الرحمن في فضائل سلمان: ٢٣١. (ط. الأولى. تحقيق جواد القيومي. الناشر مؤسسة الآفاق ١٤١١هـ).

(٤٤) لاحظ رسالة في آل أعين: ٥٨. (شرح السيد محمَّد علي الأبطحي. ط. رباني. ١٣٩٩هـ).

(٤٥) الفهرست: ٩٥.

(٤٦) فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي): ١٢٨ـ ١٢٩ رقم ٣٣٢. 

(٤٧) سنن الترمذي: ٥/ ٤١٠.

(٤٨) المصدر السابق: ١/ ١٣٣، وأيضاً سنن ابن ماجة: ١/ ٢٤٠.

(٤٩) الكامل في ضعفاء الرجال ٢ /١١٣.

(٥٠) المصدر والموضع السابق.

(٥١) المصدر والموضع السابق.

(٥٢) المصدر والموضع السابق.

(٥٣) المصدر السابق: ١١٧.

(٥٤) العِبر في خبر من غبر: ١/ ١٦٧.

(٥٥) اختيار معرفة الرجال: ٢/ ٤٤١. رقم:٣٤٣.

(٥٦) الفهرست: ٩٥.

(٥٧) والذي هو برواية الشيخ أبو محمَّد هارون بن موسى بن أحمد بن إبراهيم التلعكبري قال: حدَّثنا محمَّد بن همّام قال: حدَّثنا حميد بن زياد الدهقان قال: حدَّثنا أبو جعفر أحمد بن زياد بن جعفر الأزدي البزاز قال، حدَّثنا محمَّد بن المثنى بن القاسم الحضـرمي قال: حدَّثنا جعفر بن محمَّد بن شريح الحضـرمي، عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي.

(٥٨) الأصول الستة عشر.

(٥٩) بحوث في شرح ميراث المنهاج. إرث الزوجة من العقار. مخطوط.

(٦٠) لاحظ رجال النجاشي: ٤٩، ٥٥، ٥٧.

(٦١) لاحظ المصدر السابق: ١١٩، ١٢٣، ١٣٢، ١٤٤.

(٦٢) لاحظ المصدر السابق: ٦٩.

(٦٣) لاحظ المصدر السابق: ١٨٧.

(٦٤) المصدر السابق: ٢٦١.

(٦٥) المصدر السابق: ٣٨٢.

(٦٦) المصدر السابق: ٥١، ١٠٣، ١٠٤، ١٠٦.

(٦٧) المصدر السابق: ١٢٦.

(٦٨) المصدر السابق: ٤٢٥.

(٦٩) الفهرست: ٧١.

(٧٠) لاحظ كتاب (جابر بن يزيد جعفى) باللغة الفارسية: ١٢٣. هامش١٧٢. لسعيد طاووسي مسرور.

(٧١) فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي) ص:١٢٩ رقم ٣٣٢. 

(٧٢) الكافي: ٨/ ١٥٩ ح١٥٤.

(٧٣) هو يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب g، المولود (سنة ٢٤٥هـ) والمتوفى (سنة ٢٩٨هـ).

(٧٤) لاحظ مناقب أمير المؤمنين: ١ / ١٣٠، ١٩٤، ٢٩٧، ٣٥٠، ٣٩٤، ٤٧٨، ٤٨٠، ٥٢٢ و٢ / ٥٨، ١٠٧، ١٩٢، ٢٣٢، ٢٨٦، ٢٨٧. ورواياته إلى جابر وردت عن طريق إسرائيل، وعبد الكريم الجعفي، وزهير، وسعيد [خ: سعير]، ويوسف، وشعيب بن راشد، وعمرو بن شمر، وعلي بن يحيى ابن إسماعيل بن المنذر، ويونس بن سعد بن مسعود الجعفي، وإبراهيم بن أبي يحيى المدني.

(٧٥) فقد روى عنه بإسناده إلى جابر في الصفحات: ٣٢، ٣٦، ٤١، ٤٨، ٨٨، ١٠٩، ١١١، ١٥٠، ١٧٦، ١٨٣، ١٩١، ١٩٤، ٢٣٥، ٢٤٤، ٢٥٥، ٢٦٠، ٢٩٠، ٢٩٦، ٣٢٦، ٣٦٣، ٤٠٠، وقد وقع عمرو بن شمر في الإسناد في ثمانِ موارد.

(٧٦) شرح الأخبار: ٣/ ٥٢٥. تحقيق: السيد محمَّد الحسيني الجلالي. ط. مؤسسة النشـر الإسلامي. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

(٧٧) تفسير فرات الكوفي: ٢٩٨ـ٢٩٩ ح٤٠٣/ ١٣. تحقيق: محمَّد الكاظم. ط الأولى. ١٤١٠هـ الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران.

(٧٨) شرح إحقاق الحق: ٢/ ٥٥٤ـ٥٥٧.

هذا، وحديث الكساء من الأحاديث المستفيضة، بل قد ادعي تواتره معنى عند الشيعة والسُنَّة ورواه الحفّاظ، ولكن ليس بهذا اللفظ الذي أورده السيد المرعشـي S، وفي مصادرنا رواه ـ على سبيل المثال ـ الكليني في الكافي بسند صحيح عن أبي بصير: ١/ ٢٨٦ ح١، وهو في نزول آية التطهير في بيت أم سلمة، ورواه الصدوق في الخصال بلفظ آخر في حديث احتجاج أمير المؤمنين g على أبي بكر: ٥٤٨ ح٣٠. ومن العامّة أخرجه أحمد في مسنده: ٦/٢٩٢، في نزول آية التطهير في بيت أم سلمة، ٢٩٨ ذكرت أم سلمة قصة نزول آية التطهير عند مجيء نعي الحسين g إلى المدينة.

(٧٩) من ذلك الروايات التي وردت عنه في فضل يوم الجمعة وليلتها، وفضل الجمع في شهر رمضان، وفضل من قال لا إله إلا الله، وفضل عمرة رمضان، وفضل شهر رمضان، وفضل التبسم في وجه المؤمن وإدخال السرور عليه، وفضل زيارة الإمام الحسين g في ليلة عاشوراء ويومها، واستحباب التكفين بالبياض، وفضل الذكر من مغيب الشمس إلى الشفق ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وفضل تسبيح الزهراء –.

وهذه الموارد أخرجها: الكليني في الكافي: ٣/ ٤١٥، ٤٢٩، ٨/ ١٠٩ وتوحيد الصدوق: ٢١، وثواب الأعمال: ٥، والمعجم الكبير للطبراني: ١٧/ ١٥٦، وفضائل الأشهر الثلاثة: ٩٠، ١٣٨، والمقنعة للمفيد: ٣١٠، ومصباح المتهجد للشيخ الطوسي: ٦٢٧، ومصادقة الإخوان: ٥٢، والمزار للمفيد: ٥١ـ٥٢، ومصباح المتهجد: ٧٧١ـ٧٧٢، ومكارم الأخلاق: ١٠٤، ٣٠٥، ومستطرفات السـرائر: ٥٩٢.

(٨٠) الكافي: ٨/ ١٨ـ٣١ ح٤.

(٨١) نفس المصدر: ١/ ١٢٣ ح٢ باب تأويل الصمد. والمحاسن: ١/ ٢٤١ باب جوامع التوحيد ح٢٢٦. مع وجود فقرة (وفوق الذي عيننا تبلغ) قبل الفقرة الأخيرة من الرواية.

(٨٢) الكافي: ٨/ ١٧٠ ح١٩٣.

(٨٣) التوحيد: ٢١ ح١٠، ١١، ١٢ فيمن قال لا إله إلا الله، ٦٦ ح٢٠فيماأوَّلماخلقالله a من خلقه، ٧٢ ح٢٧ خطبة الوسيلة، ٩٣ ح٩ شيء من التوحيد، وهي نفسها في الكافي في باب تأويل الصمد، ١٣٦ ح٧ نفس الخطبة السابقة مع إضافة فقرة (فوق الذي عسينا أنْ نبلغ ربنا، وسع ربّنا كلّ شيء علماً). ١٣٨ ح١٣، ١٥ في الدليل على أنَّ الله عالم، ١٤٠ ح٥ نفس الباب، ١٥٩ ح٥ في بيان قوله تعالى: الله نور السموات والأرض، ١٧٩ ح١٣ في الدليل على أنَّ الله سبحانه وتعالى ليس في مكان في الرد على فرية أهل الشام، ٢٤٢ ح٣ في معنى لا حول ولا قوة إلا بالله، ٢٧٧ ح٢ في تأويل قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}، ٣٧٤ ح١٨ في تفسير الرزق، ٣٩٧ ح١٣ في بيان وجه عدله تعالى في الأطفال، ٤٠١ ح٧ نفس الباب.

(٨٤) الكافي: ٥/ ١٤٣ ح٧.

(٨٥) المحاسن: ٢/ ٤٥٧ ح٣٨٧. باب الأكل متكئاً. ورواه الكليني بإسناده عن أبي علي الأشعري عن محمَّد بن عبد الجبار، عن محمَّد بن سالم، عن أحمد بن النضر... الكافي: ٦/ ٢٧١ ح٦.

(٨٦) الكافي: ١/ ٤٤٣ ح١٤. والظاهر وجود سقط بين (علي بن سيف) و(عمرو بن شمر) وهو أبوه (سيف بن عميرة).

(٨٧) الكافي: ١/ ٢١٥ ح١باب أنَّالأئمة فيكتاب اللهإمامان: إماميدعو إلىالله، وإماميدعو إلى النار.

(٨٨) المصدر السابق: ٨/ ٣٧٩ ح٥٧٤.

(٨٩) المصدر السابق: ١/ ٢٩٨ ح٥.

(٩٠) المصدر السابق: ٣٠٧ ح٧.

(٩١) الأمالي: ٣٨٤ ح٤٩٢.

(٩٢) الكافي: ٣/ ٢٥٩ ح٣٢.

(٩٣) قال صاحب البحار (٧٨/ ٢٣٦): (حين يمزق قبره، على بناء المفعول مخففاً ومشدداً أي يخرق ليخرج منه عند البعث).

(٩٤) المحاسن: ١/ ٣٤ ح٢٧ باب ثواب كلمات الفرج.

(٩٥) الاختصاص: ٣٥٩ باب صفة النّار. تحقيق علي أكبر الغفاري، ومحمود الزرندي. ط. الثانية. ١٤١٤هـ. الناشر: دار المفيد. بيروت. لبنان.

(٩٦) الكافي: ٣/ ٢٣١ ح١ باب أنَّ الميت يمثل له ماله وولده وعمله قبل موته.

(٩٧) الكافي: ٨/ ٣١٢ ح٤٨٦.

(٩٨) أمالي الطوسي: ٢٣١ ح٤١٠/ ٢.

(٩٩) الإخوان: ١٨١ ح١٢٢.

(١٠٠) التواضع والخمول: ٢٦٥ ح٢١٩.

(١٠١) الشكر لله: ٩٨ ح٦٩.

(١٠٢) الهمّ والحزن: ٩٤ ح١٥٧.

(١٠٣) هذا، ويعتبر جابر من مشايخ أبي حنيفة إذ قد روى عنه، كما جاء ذلك في مسند الإمام أبي حنيفة ص:٦٧ تأليف أبي نعيم الأصبهاني (ت٤٣٠هـ)، (تحقيق: نظر محمَّد الفاريابي. مكتبة الكوثر. الرياض. ط. الأولى ١٤١٥هـ).

(١٠٤) والصواب: [من رأيي] كما في تاريخ الإسلام للذهبي: ٨/ ٦٠، وتتمة الحديث عند الذهبي: (إلَّا جاءني فيه بأثر وزعم أنَّ عنده ثلاثين ألف حديث لم يظهرها). ونفس الكلام عند الصفدي في الوافي بالوفيات: ١١/ ٢٦، والمزي في تهذيب الكمال: ٤/ ٤٦٨، وابن حجر في تهذيب التهذيب: ٢/ ٤٢. والعقيلي أو غيره أبهم في عدد الأحاديث.

(١٠٥) الكامل في ضعفاء الرجال: ٢/ ١١٣.

(١٠٦) تاريخ اليعقوبي: ٢/ ٣٤٨.

(١٠٧) المصنف: ١/ ١٦٨ في طهارة ماء الحمام إذا صبّ الماء جنباً. وفي ص: ٢٥٣ (سئل في رجل أراد أن يؤذن فأقام؟ قال: يعيد). وفي ص:٣٦٨ سئل عن قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}؟ (فقال، قال سعيد بن جبير: فهو حمرة الأفق). وفي هذا المورد يظهر أنَّ هذا رأيه، ولكن قوّاه بقول سعيد بن جبير.

(١٠٨) خاتمة المستدرك: ٤/ ٢١٨.

(١٠٩) معجم رجال الحديث: ٤/ ٢٦ (ط. النجف).

(١١٠) فقد أخرج له في الجزء الثالث: ٣٥ رواية، وفي الرابع:١٢ رواية، وفي الخامس:١٩ رواية، وفي السادس:١٤ رواية، وفي السابع:٥ روايات. 

(١١١) فقد أخرج له في الجزء الأوَّل: خمس روايات، وفي الثاني: ثماني روايات، وفي الثالث: خمس عشـرة رواية، وفي الرابع: ثماني روايات.

(١١٢) فقد أخرج له في الجزء الأوَّل: ١١ رواية، وفي الثاني: ٣ روايات، وفي الثالث: ١٢ رواية، وفي الرابع: ٥ روايات، وفي السادس: ٩ روايات، وفي السابع: ٦ روايات، وفي الثامن: ٣ روايات، وفي التاسع: ٣ روايات، وفي العاشر: ٥ روايات.

(١١٣) ذكر ابن النديم (ت ٤٣٨هـ) في فهرسته (ص:٤٢٢) أنَّ جابر بن حيان له كتاب التفسير، ولعله اشتباه فإنَّه لجابر بن يزيد الجعفي.

(١١٤) تفسير الثوري: ٥٢، ٨٠، ٩٥، ١٠٢، ١٢٧، ١٣٣، ١٣٤، ١٤١، ١٦٢، ١٧٣، ١٧٤، ١٨٣ حديثان، ١٨٦، ١٩٢، ١٩٧، ٢٢٤، ٢٢٨، ٢٤٦.

(١١٥) تفسير القرآن: ١/ ١١٠، ١٧٤، ٢/ ٣١٣، ٣/ ٣٤، ١٣٥، ٢٩١.

(١١٦) ورد النقل عن جابر في الجزء الأوَّل في سبعة مواضع هي في: ٦٧ مرتان و٣٤٥ و٣٧٢ و٤٢٠ و٧٥١، وفي الجزء الثاني في عشـرة مواضع هي في: ٦٤ و١١٩ و١٣٢ و٢٥٤ و٣٥٣ و٣٩٥ و٤١٩  و٦٨٤ و٧٠٤ و٧١٠، وفي الجزء الثالث في أحد عشـر موضعاً هي في: ١٥٢ و١٦٢ و١٧٢ و١٧٤ و١٩٧ مرتان و٢٥٢ و٢٥٣ و٢٥٦ و٢٥٩ و٤٥٧، وفي الجزء الرابع في ثلاثة مواضع هي في: ٨ و٣٧٧ و٤١٩، وفي الجزء الخامس في ثلاثة عشـر موضعاً هي في: ٣٣ و٤٦ و٧٥ و٨٩ و٩٧ و١١٠ و١١٢ و١١٤ مرتان و١١٥ و١٦٨ و٢٩٣ و٤٤٢، وفي الجزء السادس في ستة مواضع هي في: ١٢١ و١٢٦ و١٧٥ و٣١١ و٣٤٧ و٣٦٤، وفي الجزء السابع في أحد عشـر موضعاً هي في: ٣٠ مرتان و٣٢ و٤١ و٦٩ و٧٣ مرتان و١٩٦ مرتان و٢٦٧ و٢٦٩، وفي الجزء الثامن تسعة مواضع هي في: ٧٥ و٢٢٣ و٢٢٤ و٢٢٥ و٢٤٨ مرتان و٢٤٩ و٢٥٧ و٢٦٣، وفي الجزء التاسع في اثني عشـر موضعاً هي في: ١٠٧ مرتان و١٦٤ و١٧١ و٢٢٠ ثلاث مرات و٢٣٤ مرتان و٢٩٦ و٢٩٧ مرتان، وفي الجزء العاشـر في خمسة عشـر موضعاً هي في: ٣٢ و٩٣ مرتان و١٥٢ و٢٠٨ و٢٠٩ ثلاث مرات و٢١١ أربع مرات و٢١٢ و٢١٣ و٢٣٨، وفي الجزء الحادي عشـر في أربعة مواضع هي في: ٦٨ و٧٧ و٩٩ مرتان، وفي الجزء الثاني عشـر ثمانية عشـر موضعاً هي في: ٢٢ و٦٥ مرتان، و٦٩ و١٤٠ مرتان و١٥٩ أربع مرات و٢٢٠ و٢٢٤ و٢٢٥ و٢٢٦ و٢٤١ و٢٥٤ و٢٥٥ و٢٩٠، وفي الجزء الثالث عشـر في أربعة مواضع هي في: ١٠٠ مرتان و١٠١ و٣٢٨، وفي الجزء الرابع عشـر في خمسة مواضع هي في: ٦٨ و٩٦ مرتان و١٠٨ و١٤٥، وفي الجزء السادس عشـر في ثلاثة مواضع هي في: ٧١ و١٢٥ و١٨٠، وفي الجزء السابع عشـر في عشـرة مواضع هي في: ٨ و١١٤ و١٧٣ و١٧٤ و١٨١ و١٨٨ و١٩٣ و١٩٤ و٢٥٣ مرتان، وفي الجزء التاسع عشـر في ستة مواضع هي في: ٣١ و٣٢ و٤٣ و٦٠ و١٠٦ و١٣٥، وفي الجزء العشـرين في تسعة مواضع هي في: ١٣٥ و١٥١ مرتان و١٥٢ مرتان و١٩١ و١٩٢ ثلاث مرات، وفي الجزء الحادي والعشـرين في ثلاثة مواضع هي في: ٨٢ و٩٢ و٩٣، وفي الجزء الثاني والعشـرين في موضع واحد في ٦٣، وفي الجزء الثالث والعشـرين في سبعة مواضع هي في: ٩٨ و١٠٠ مرتان و١٠٣ و٢٤١ و٢٤٧ مرتان، وفي الجزء الرابع والعشـرين في موضع واحد في ١٠٩، وفي الجزء السادس والعشـرين في ثلاثة مواضع هي في: ٤٣ و١٩٥ و٢٣٢، وفي الجزء السابع والعشـرين في تسعة مواضع هي في٨٩ و٩٥ و١٠٥ و١٧٠ و١٧١ و٢٠٥ و٢٤١ و٢٦٣ مرتان، وفي الجزء الثامن والعشـرين في أربعة مواضع هي في: ١٥ و١٢٨مرتان و١٣٠،وفي الجزءالتاسع والعشـرين في أحدعشـرموضعاًهي في: ٣٣ و٣٤ و٥٨ و٧٥ و١٤٤ و١٧٢ مرتان و١٨٢ و١٨٤ و١٨٩ و١٩١، وفي الجزء الثلاثين في أربعة عشـر موضعاً هي في: ١٣٣ و١٥٥ مرتان و١٦٣ و٢١٤ و٢١٧ و٣٣١ و٣٨٢ و٣٨٥ و٤٠٤ و٤٢٢ و٤٢٣ و٤٢٤ و٤٦٠. 

(١١٧) لاحظ تفسير القرآن العظيم. [تحقيق أسعد محمَّد الطبيب. الناشر: دار الفكر]: ١/ ١٩٧، ٢٠٨، ٣١٨، ٢/ ٤٠٩، ٤٢٠، ٤٢١، ٥٥٣، ٥٦٣ حديثان، ٦٠٠، ٦٦٨، ٦٩٦، ٣/ ٧٠٥، ٧١٢، ٧٣٣، ٧٣٩، ٨٩٧، ٩١٢، ٩٢٣، ٩٤٨، ٩٤٩، حديثان، ٩٧٨، ١٠٠٣، ١٠٣١، ٤/ ١٠٩١، ١١١٩ حديثان، ١١٤٠، ١١٩٠، ١١٩٣، ١٢٠٤، ١٢٤٣، ١٢٩٨، ١٣٠١، ١٣٤٧، ١٣٧٥، ٥/ ١٣٩٨ حديثان، ١٤٧٤، ١٤٨٣، ١٥٤١، ١٥٨٤، ١٦٤٦، ١٦٥٢، ٦/ ١٨٢٢، ١٨٢٣، ١٨٢٤، ١٨٢٥، ١٨٤٥، ١٨٩٦، ١٩٠٥، ١٩١٦، ١٩٣٨، ٢٠١٠، ٢٠٣٤، ٢٠٥٩، ٢٠٧٧، ٢٠٨٩، ٧/ ٢١١٤، ٢١١٦، ٢١٢٩، ٢١٣٩، ٢٢٢٦ حديثان، ٨/ ٢٥٨٣، ٢٦١٧، ٢٦٣٣، ٢٦٣٥، ٢٧٠٨، ٢٧٣٣، ٩/ ٢٨١٢، ٢٨١٥، ٢٩٠٩، ٢٩٨٠، ١٠/ ٣٣٣٤، ٣٤١٢.

(١١٨) لاحظ أحكام القرآن. [تحقيق عبد السلام محمَّد علي شاهين. ط.١. ١٤١٥هـ. الناشر دار الكتب العلمية. بيروت. لبنان]: ١/ ١٧، ١٤٦، ١٩٣، ١٩٧، ٤٧٤، ٤٨٣، ٦١٧، ٢/ ٢٩٠، ٣٥٩، ٤١٥، ٤٢٦، ٥١٨، ٥٢٨، ٦١٨، ٣/ ١٦١ حديثان، ١٦٣، ٢٨٨، ٣١٥، ٣٢٥.

(١١٩) الاختصاص: ٢٠٤.

(١٢٠) رجال النجاشي: ١٢٩.

(١٢١) الفهرست: ٩٥.

(١٢٢) هو محمَّد بن العباس بن علي بن مروان ابن الماهيار أبو عبد الله، البزّاز، المعروف بابن الجحام من أعلام القرن الرابع الهجري سمع منه التلعكبري سنة (٣٢٨هـ)، ونقل عنه السيد شـرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي النجفي في كتابه تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة. قال عنه النجاشي: (ثقة ثقة، من أصحابنا، عين، سديد، كثير الحديث. له كتاب المقنع في الفقه، كتاب الدواجن، كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت i. وقال جماعة من أصحابنا: إنَّه كتاب لم يصنف في معناه مثله. وقيل: إنَّه ألف ورقة). فهرست أسماء مصنفي الشيعة: ٣٧٩.

(١٢٣) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ٢/ ٧٨٨ ح٧.

(١٢٤) الإمامة والتبصرة: ١٢٣ ح١٢١.

(١٢٥) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٤٩ ح٤٢.

(١٢٦) غيبة الطوسي: ١٦٤ ح١٢٦.

(١٢٧) اختيار معرفة الرجال: ٢/ ٦٧١. رقم:٦٩٩. وقد روى الكليني ذيل الرواية بإسناده عن أبي علي الأشعري، عن محمَّد بن حسان، عن محمَّد بن علي، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل ابن عمر، عن أبي عبد الله g في قول الله a: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} قال: (إنَّ منّا إماماً مظفراً مستتراً، فإذا أراد الله عزَّ ذكره إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تبارك وتعالى). الكافي: ١/ ٣٤٣ ح٣٠.

(١٢٨) بحار الأنوار: ٢/ ٧١.

(١٢٩) مناقب آل أبي طالب: ٢/ ١٨.

(١٣٠) المصدر السابق: ٣٥.

(١٣١) وسائل الشيعة: ٥/ ٤٦. كتاب الصلاة. أبواب صلاة الجمعة. باب: ٣١ ح١.

(١٣٢) المصدر السابق: ١٠/ ٢٧. كتاب الحجّ. أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة. باب: ١٩ ح٢٢.

(١٣٣) المصدر السابق: ١١/ ٢٦٨. كتاب الجهاد. أبواب جهاد النّفس. باب: ٤٨ ح٤.

(١٣٤) المصدر السابق: ١١/ ٥٦٣. كتاب الأمر بالمعروف. أبواب فعل المعروف. باب: ٢١ ح٣.

(١٣٥) المصدر السابق: ١٢/ ١١٩. كتاب التجارة. أبواب ما يكتسب به. باب: ٣٥ ح٤.

(١٣٦) المصدر السابق: ١٥/ ٥٨. كتاب النكاح. أبواب المهور. باب: ٤٩ ح٦.

(١٣٧) المصدر السابق: ١٨/ ٩٦. كتاب القضاء. أبواب صفات القاضي. باب: ١٠ ح٢٨.

(١٣٨) المصدر السابق: ١٨/ ١٤٠. كتاب القضاء. أبواب صفات القاضي. باب: ١٣ ح٣٧.

(١٣٩) المصدر السابق: ١٨/ ٢٢٧. كتاب الشهادات. باب: ٢ وجوب أداء الشهادة وحرمة كتمانها ح٢.

(١٤٠) تفسير العياشي: ٢/ ٢٨٥ ح٣٧ من سورة الإسراء.

(١٤١) المصدر السابق: ١/ ١٠١ ح٢٩٢ من سورة البقرة.

(١٤٢) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ١/ ٢٧٩ ح٩ من سورة الإسراء.

(١٤٣) المصدر السابق: ٢٩٠ ح٣٠ من سورة الإسراء.

(١٤٤) المصدر السابق: ٢/ ٩٥ ح٨٥ من سورة براءة.

(١٤٥) المصدر السابق: ١/ ١٨٧ ح٩٤. من سورة آل عمران.

(١٤٦) المصدر السابق: ١/ ٦١ ح١٠٢. من سورة البقرة.

(١٤٧) المصدر السابق: ١/ ٣٦٦ ح٤٥ من سورة الأنعام.

(١٤٨) المصدر السابق: ٢/ ١٠٣ ح٩٧. من سورة براءة.

(١٤٩) المصدر السابق: ١/ ٣٣٠ ح١٤٨. من سورة المائدة.

(١٥٠) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ١/ ٣٢٦ ح٦. من سورة طه.

(١٥١) الضعفاء الكبير ج: ١/ ١٩٣ رقم:٢٤. (ط. دار الكتب العلمية. بيروت). وأيضاً نقلها مسلم في (صحيحه: ١/ ١٦) بقوله: (وحدَّثني سلمة بن شبيب، حدَّثنا الحميدي، حدَّثنا سفيان..).

(١٥٢) تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٩٧٨ ح٥٤٦٨.

(١٥٣) الكافي: ٨/ ٣٧٩ ح٥٧٤. وهي: (قول الله a: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}، قال: مَن تولّى الأوصياء من آل محمَّد واتبع آثارهم فذلك يزيده ولاية مَن مضـى من النبيين والمؤمنين الأوّلين حتى تصل ولايتهم إلى آدم g وهو قول الله a: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} يدخله الجنّة وهو قول الله a: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}، يقول: أجر المودّة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة، وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} يقول متكلّفاً أنْ أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمَّداً أنْ يكون قهرنا عشـرين سنة حتى يريد أنْ يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلَّا شيء يتقوّله يريد أنْ يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمَّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته ثُمَّ لا نعيدها فيهم أبداً، وأراد الله a أنْ يُعلِم نبيه e الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به فقال في كتابه a: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}، يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم وقد قال الله a: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ}، يقول: الحق لأهل بيتك الولاية {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ويقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك و هو قول الله a: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَـرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِـرُونَ} وفي قوله a: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} قال: أقسم بقبض محمَّد إذا قبض {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} بتفضيله أهل بيته {وَمَا غَوَىوَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه وهو قول الله a: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}وقال الله a لمحمَّد e: {قُلْ لَّوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} قال: لو أنَّي أمرت أنْ أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله a: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} يقول: أضاءت الأرض بنور محمَّد كما تضـيء الشمس فضـرب الله مثل محمَّد e الشمس ومثل الوصي القمر وهو قوله a: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}، وقوله: {وَآَيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ}، وقوله a: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} يعني قبض محمَّد e وظهرت الظلمة فلم يبصـروا فضل أهل بيته وهو قوله a: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِـرُونَ}، ثُمَّ إنَّ رسول الله eوضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله a: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يقول: أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يُهتدى به مثل الـ{مِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}، فالمشكاة قلب محمَّد eوالمصباح النور الذي فيه العلم وقوله:{الْمِصْبَاحُفِي زُجَاجَةٍ} يقول: إنَّي أريد أنْ أقبضك فأجعل  الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة، {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} فأعلمهم فضل الوصي، {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} فأصل الشجرة المباركة إبراهيم g وهو قول الله a: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}وهو قول الله a: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} يقول: لستم بيهود فتصلّوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلوا قبل المشـرق وأنتم على ملة إبراهيم g وقد قال الله a: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقوله a: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصـر من الزيتون {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضـِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} يقول: يكادون أنْ يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك).

(١٥٤) تفسير العياشي: ١/ ٥٠ ح٧٠. من سورة البقرة.

(١٥٥) المصدر السابق: ٤١ ح٢٩. من سورة البقرة.

(١٥٦) المصدر السابق: ٢٠٢ ح١٥٩. من سورة آل عمران.

(١٥٧) المصدر السابق: ٢٧٦ ح٢٧٦. من سورة آل عمران.

(١٥٨) جامع البيان في تفسير آي القرآن: ٢/ ٦٤ ح١٩٤١.

(١٥٩) المصدر السابق: ٢/ ١١٩ ح٢٠٥٦.

(١٦٠) المصدر السابق: ٢/ ١٣٢ ح٢٠٩١.

(١٦١) المصدر السابق: ٢/ ٢٥٤ ح٢٥١٧.

(١٦٢) المصدر السابق: ٦/ ١٧٥.

(١٦٣) تفسير القرآن العظيم: ٢/ ٤٠٩.

(١٦٤) المصدر السابق: ٦/ ١٨٢٤ ح١٠٣٨٧.

(١٦٥) جامع البيان في تفسير آي القرآن: ١/ ٧٥١ ح١٦٦٠.

(١٦٦) المصدر السابق: ٦/ ١٢١.

(١٦٧) المصدر السابق: ١/ ٣٧٢.

(١٦٨) المصدر السابق: ٣/ ١٥٢.

(١٦٩) تفسير القرآن العظيم: ٢/ ٦٦٨ ح٣٦١٩.

(١٧٠) المصدر السابق: ٣/ ١٠٠٣ ح٥٦١٧.

(١٧١) المصدر السابق: ٣/ ٧٣٣ ح٣٩٧٤.

(١٧٢) المصدر السابق: ٣/ ٩٧٨ ح٥٤٦٨.

(١٧٣) المصدر السابق: ٣/ ٧٣٨ ح٤٠٠١.

(١٧٤) المصدر السابق: ٣/ ٩٢٣ ح٥١٥٧.

(١٧٥) المصدر السابق: ٣/ ٩٤٨ ح٥٢٩٧.

(١٧٦) المصدر السابق: ٣/ ٩٤٩ ح٥٣٠٢.

(١٧٧) تفسير القمي: ١/ ٣٣٩.

(١٧٨) الكافي: ٤/ ٢١٣ ح٥.

(١٧٩) الأمالي: ٢٦٥ ح٢٨٣.

(١٨٠) المصدر السابق: ٦٠١ ح٨٣٤.

(١٨١) أمالي الشيخ الطوسي: ٣٤٦ ح٧١٣.

(١٨٢) قصص الأنبياء: ٣٨ ح١، ٥٣ ح٢١، ٨٠ ح٥٩، ١٦٤ ح١٧٩، ١٩٣ ح٢٤٠، ٢٢٢ ح٢٩١، ح٢٩٢، ٢٣٠ ح٣٠٠، ٢٤٤ ح٣١٤، ٢٤٦ ح٣١٨، ٢٤٧ ح٣٢٠، ٢٥٤ ح٣٢٧، ٢٦٢ ح٣٢٩، ٣٥٨ ح٤٦٦.

(١٨٣) لاحظ رجال النجاشي: ١١، ١٣، ٢١٣، ٣٢٠، ٤٣٤، ٤٢٧، ١٧، ١٨، ١٩، ٣١، ٣٢، ١٨٧، ٢٥٧، ٣٤٦، ٣٩٦، ٩٤، ١٢٢، ٢٤٠، ٥٧، ٨٤، ١٩٩، ٢٣٢، ٨٤.

(١٨٤) لاحظ الفهرست: ١٨١.