إجزاء الوقوف بعرفات بحكم القاضي الرسمي

احدث المقالات

PDF
نص المقال

 

 

 

                                                        

 

 

 

 

 

                                                        B

هذه المسألة من المسائل المهمّة التي تترتّب عليها ثمرات عمليّة، وهي محلّ ابتلاء المؤمنين على نطاق واسع.

ونحن هنا لا نريد استيعاب هذه المسألة بجميع فروعها وتفاصيلها؛ لأنّ ذلك لا يناسب المقام، وإنّما نقتصر على الكلام عن الحكم الوضعيّ، أي: الصحّة والإجزاء، وبالتحديد في إبداء بعض الملاحظات على ما استُدلّ به للقول بعدم الإجزاء مطلقاً حتّى في صورة الشكّ.

وما بين يديك ــــ عزيز القارئ ــــ في الأصل محاضرة ألقاها سماحة الشيخ B ضمن برنامج الجلسات العلميّة الذي أقامته (المجلّة) خلال ليالي شهر رمضان الفضيل بمحضر نخبةٍ من أساتذة وطلبة الحوزة العلميّة.

 

 

 

 

 


 

 

 

X

 

 

إجزاء الوقوف بعرفات بحكم القاضي الرسميّ

                                        

مسألة: إذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدّسة وحكم على طبقه ولم يثبت عندنا، فهل يجب متابعتهم والوقوف معهم تكليفاً، أو لا؟

وإذا وقف معهم فهل يجزيه ذلك بحيث لا يحتاج إلى قضائه، أو لا؟ وعلى الأوّل فهل الإجزاء ثابت مطلقاً حتّى في صورة العلم بالمخالفة للواقع، أو يختصّ بصورة الشكّ واحتمال المطابقة للواقع؟ وعلى الاختصاص بصورة الشكّ هل يستمرّ الحكم بالإجزاء حتّى بعد انكشاف الخلاف، أو أنّه يجزي ما لم يثبت الخلاف، وأمّا إذا انكشف الخلاف فيجب القضاء؟

هذه المسألة من المسائل المهمّة التي تترتّب عليها ثمرات عمليّة، وهي محلّ ابتلاء المؤمنين.

ونحن هنا لا نريد استيعاب هذه المسألة بجميع فروعها وتفاصيلها؛ لأنّ ذلك لا يناسب هذا المقام، وإنّما نقتصر على الكلام عن الحكم الوضعيّ، أي: الصحّة والإجزاء، وبالتحديد في إبداء بعض الملاحظات على ما استُدلّ به للقول بعدم الإجزاء مطلقاً حتّى في صورة الشكّ.

 

والأقوال في المسألة ثلاثة:

القول الأوّل: الإجزاء مطلقاً.

القول الثاني: عدم الإجزاء مطلقاً.

القول الثالث: التفصيل بين احتمال المطابقة للواقع وبين العلم بالخلاف، فيجزي في الأوّل دون الثاني.

وينبغي التنبيه على أمور:

الأمر الأوّل: أنّه لا خلاف في أنّ المتشرّعة وأصحاب الأئمّة c كان بناؤهم على المتابعة للموقف الرسميّ في زمانهم والاكتفاء بما صدر منهم على أساس ذلك.

الأمر الثاني: أنّ الظاهر اتّفاق الطرفين على أنّ ثبوت الهلال عندهم في الزمان الحاضر ليس على الموازين المعتبرة عندنا، إمّا لأنّهم يرون الاكتفاء بالبيّنة مع صفاء الجوّ، وبالشاهد الواحد مع عدم صفائه، أو لأنّهم يعتمدون على الحسابات الفلكيّة، أو لغير ذلك ممّا هو غير معتبر عندنا.

والكلام يقع في أنّ متابعة المتشرّعة وأصحاب الأئمّة c ــــــ بل حتّى الأئمّة أنفسهم ــــــ للموقف الرسميّ والاكتفاء بذلك هل هو لأجل التقيّة بمعناها الواسع الشامل للمداراة والتحبّب، أو لأجل أنّ ثبوت الهلال عندهم في ذلك الزمان كان قائماً على تطبيق الموازين الشرعيّة المعتمدة بحيث يكون الحكم بالإجزاء والصحّة على القاعدة؟

وبعبارة أخرى: أنّ متابعة الموقف الرسميّ في زمان الأئمّة c والاكتفاء بما صدر منهم من قبل المتشرّعة وأصحابهم ــــــ بل نفس الأئمّة c ــــــ هل هو على خلاف القاعدة؛ لأنّ ثبوته عندهم في ذلك الزمان لم يكن على طبق الموازين المعتبرة، وإنّما ثبت لأجل التقيّة بمعناها الواسع، أو أنّه على طبق القاعدة؛ لأنّهم كانوا يطبّقون الموازين المعتبرة في ثبوت الهلال في ذلك الزمان؟

وتظهر الثمرة بين الاحتمالين في ثبوت الهلال عندهم في الزمان الحاضر مع افتراض أنّ ثبوته ليس على الموازين الشرعيّة، فعلى الأوّل تثبت الأحكام المتقدّمة من المتابعة والصحّة؛ لأنّ السبب في ثبوتها في الزمان السابق موجود فعلاً، وهو التقيّة، فتثبت حتّى إذا أحرزنا عدم تطبيقهم الموازين الشرعيّة في ثبوت الهلال، وعلى الثاني لا يمكن تصحيح العمل المأتيّ به على أساس المتابعة، وإنّما بني على صحّة العمل في الزمان السابق باعتبار أنّ الموازين التي استعملت لثبوت الهلال موازين شرعيّة، والمفروض أنّ ثبوته في الزمان الحاضر ليس كذلك.

ومنه يظهر أنّ الالتزام بعدم صحّة العمل الصادر للمتابعة في الزمان الحاضر يتوقّف:

أوّلاً: على دعوى أنّ السيرة المسلّمة والحكم بصحّة العمل المأتيّ به للمتابعة في الزمان السابق لا علاقة لهما بالتقيّة أصلاً، وإنّما ثبتا باعتبار عدم مخالفة الموازين التي استخدموها لإثبات الهلال للموازين المعتبرة شرعاً طيلة السنوات الممتدّة من زمان ما بعد رحيل الرسول الأكرم J إلى زمان الغيبة، أو دعوى الشكّ في ذلك باعتبار أنّ الأصل عدم الإجزاء.

ثانياً: على أنّ ثبوت الهلال عندهم في الزمان الحاضر ليس كذلك، بل هو مبنيّ على أمور لم يثبت اعتبارها أو على التسامح والتساهل.

ومع تماميّتهما لا يمكن تصحيح العمل المأتيّ به على أساس المتابعة في الزمان الحاضر.

الأمر الثالث: أنّ القائل بالإجزاء في زماننا يكفيه إثبات أنّ الأئمّة c وأصحابهم والشيعة كانوا يتبعون الموقف الرسميّ على خلاف القاعدة ولو في بعض السنين، أي: أنّ الموقف الرسميّ لم يكن على أساس تطبيق الموازين المعتبرة عندنا ولو في بعض السنين المتمادية، ولا يتوقّف هذا القول على إثبات أنّ المتابعة كانت كذلك دائماً وفي جميع السنين؛ لأنّ المهمّ هو إثبات أنّ الشيعة والأئمّة c اتّبعوا القاضي الرسميّ الذي لم يحكم بالهلال على طبق الموازين المعتبرة عندنا، ومن الواضح أنّ هذا يثبت بمجرّد ثبوت المتابعة كذلك في بعض السنين، ولا يتوقّف على إثبات أنّ المتابعة كذلك في جميع السنين.

وهذا يصحّح لنا أن نقول: إنّ السبب الذي أدّى إلى المتابعة في ذلك الزمان موجود في زماننا، وهو التقيّة مثلاً.

وأمّا القائل بعدم الإجزاء فقد عرفت أنّه بحاجة إلى إثبات أنّ المتابعة دائماً وفي جميع السنوات التي عاشها الأئمّة c هي على أساس أنّ حكم القاضي بالهلال كان على طبق الموازين المعتبرة عندنا، حتّى تكون المتابعة على طبق القاعدة، ويكون هذا هو السبب في المتابعة، وحيث إنّه غير متحقّق في زماننا فلا إجزاء، أو يدّعي الشكّ في استناد المتابعة ولو في بعض السنين إلى التقيّة ونحوها؛ لما عرفت أيضاً من أنّ مقتضى الأصل عدم الإجزاء.

ونحن لا ننكر أن تكون المتابعة في بعض السنين قائمة على أساس تطبيق الموازين المعتبرة عندنا، لكنّنا ننكر أن يكون الأمر كذلك في جميع هذه السنين، بل ندّعي القطع أو الاطمئنان بعدم ذلك، وهذا يعني أنّ المتابعة في بعض السنين كانت على خلاف القاعدة، أي: أنّها حصلت بالرغم من عدم تطبيق الموازين المعتبرة عندنا، كما سيتّضح من خلال البحث، وتشهد به النصوص الدالّة على اختلاف الموقف الرسميّ عن الموقف الشرعيّ([1]).

وتوجد لنا عدّة ملاحظات على مجموع الكلام الذي ذُكر في مقام الاستدلال على عدم الإجزاء والشواهد التي ذُكرت لتأييده ([2]).

 

الملاحظة الأولى: أنّ ما ذُكر من الشواهد إذا تمّ لإثبات هذا القول فهو إنّما يتمّ في الجملة، لا في جميع السنين المتمادية، والتي استمرّت أكثر من مائتي سنة، والتي تختلف باختلاف الحكومات والحكّام وأمراء الحجّ الذين يوكل إليهم أمر ثبوت الهلال عادةً، فالشواهد المذكورة إذا صحّت فلا يثبت بها إلّا أنّ ثبوت الهلال في بعض السنين مبنيّ على التشدّد وتطبيق الموازين الشرعيّة، ولا تثبت بها القضية الكلّيّة. على أنّ المنقول عنه التشدّد ــــــ وهو أبو حنيفة ــــــ له قول آخر فيما إذا كانت السماء صاحية وهو ثبوت الهلال بالبيِّنة، فراجع([3]).

الملاحظة الثانية: التشدّد في ثبوت الهلال لا يلازم دائماً مطابقته مع الموازين المعتبرة عندنا، مثلاً: قد يؤدّي التشدّد إلى ثبوت الهلال عندهم بعد ثبوته عندنا بيوم، فيكون يوم عرفة عندهم هو يوم العيد عندنا، كما إذا فرضنا أنّنا نكتفي بالبيّنة الشرعيّة في حالة وجود غيوم وموانع جوّيّة تمنع من الرؤية وقامت البيّنة على رؤيته ليلة السبت مثلاً، وهم لا يكتفون بذلك وحكموا بأنّ أوّل الشهر الأحد إكمالاً للعدّة، أو كنّا نعتمد على التطويق أمارة على كونه لليلة السابقة وهم لا يعتمدون عليه، ففي مثل ذلك لا يكون الحكم بالمتابعة والإجزاء على طبق القاعدة، بل على خلافها؛ لأنّ الوقوف بعرفة سيكون في العاشر من ذي الحجّة بحسب الموازين المعتبرة عندنا، فلا بدّ أن يكون الحكم بالمتابعة أو الإجزاء على أساس التقيّة والمداراة ونحو ذلك.

الملاحظة الثالثة: أنّ التشدّد وعدم التسامح في ثبوت الهلال عندهم لا يعني إلّا التشدّد في تطبيق الموازين الشرعيّة الثابتة عندهم، ومن الواضح أنّ قبول ذلك مبنيّ على ثبوت تلك الموازين عندنا وعدم اختلافنا معهم في موازين ثبوت الهلال، وهذا أمر يحتاج إلى إثبات، ولم يُذكر شاهد على ذلك، بل الاختلاف في الموازين بيننا وبينهم ثابت. ففي الفقه الحنفيّ ــــــ الذي هو محطّ نظر القائل بعدم الإجزاء ونقل عنهم التشدّد في أمر الهلال ــــــ يعتبرون شهادة النساء في ثبوت الشهر، ويثبتونه برؤية الهلال في النهار، مع اختلاف بينهم.

ففي كتاب الأصل لمحمّد بن الحسن الشيبانيّ (المتوفّى سنة 189هـ) ــــــ بعد أن ذكر رواية ابن عبّاس عن رسول الله J من أنّه قبل شهادة أعرابيّ وحده في هلال رمضان ــــــ قال: (قال محمّد: فهذا ممّا يدلّ على أنّ شهادة الواحد في أمر الدين جائزة، ولا يقبل على هلال الفطر أقلّ من شاهدين، رجلين حرّين أو رجل وامرأتين)([4]).

وفي كتاب شرح مختصر الطحاويّ لأبي بكر الجصّاص([5]) (المتوفّى 370 هـ) قال: (قال أبو جعفر: ولا يقبل في هلال الفطر إذا كان بالسماء علّة إلّا شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين أحرار عدول. قال أبو بكر: وكذلك عندهم هلال ذي الحجّة لا يقبل في رؤيته إلّا شهادة من تقطع شهادتهم الخصومة)([6]).

ثمّ ذكر في موضع آخر: (قال أبو جعفر: وإذا رأى الهلال نهاراً فهو للّيلة الجائية، وقال أبو يوسف أخيراً: إن كان قبل الزوال فهو للّيلة الماضية، وإن كان بعد الزوال فهو للّيلة الجائية)([7]).

وفي تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقنديّ (المتوفّى سنة 539هـ) قال: (ولو رأوا الهلال قبل الزوال أو بعده فهو للّيلة المستقبلة عند أبي حنيفة ومحمّد، وقال أبو يوسف: إذا كان قبل الزوال أو بعده إلى وقت العصر فهو للّيلة الماضية، أمّا إذا كان بعد العصر فهو لليلة المستقبلة بلا خلاف. وفيه خلاف بين الصحابة، فقد روي عن عمر وابن مسعود وأنس مثل قولهما، وروي عن عمر في رواية أخرى وهو قول عليّ وعائشة مثل قول أبي يوسف)([8]).

وعليه فلا يكون ثبوته عندهم طريقاً لإحراز الواقع وجداناً ولا تعبّداً.

أمّا الأوّل فواضح؛ لأنّ الثبوت استناداً إلى الموازين الشرعيّة لا يوجب القطع واليقين حتّى إذا كانت متّفقاً عليها، فضلاً عمّا إذا كانت محلّ خلاف.

وأمّا الثاني فلما عرفت من عدم الاتّفاق النظريّ في مسائل ثبوت الهلال، أي: اختلافنا معهم في هذه المسائل.

وبعبارة أخرى: أنّ ما ذكر من تشدّدهم في ثبوت الهلال: إمّا أن يراد جعله طريقاً وجدانيّاً لإحراز الواقع، فيكتفى بثبوته عندهم؛ لأنّهم يتشدّدون في أمر الهلال، ولا بدّ حينئذٍ من إصابة الواقع، وإمّا أن يراد جعله طريقاً تعبّديّاً لذلك.

والأوّل إنّما يصحّ إذا كان التشدّد يعني عدم الاعتماد إلّا على الشياع والشهادات الكثيرة المتواترة الموجبة لحصول الاطمئنان، فإذا علمنا استنادهم إلى ذلك في ثبوته وفرض تحقّقه خارجاً أمكن الاعتماد عليه.

لكنّك خبير بأنّ الأمر ليس كذلك دائماً، خصوصاً إذا كان الزمان الذي تحقّقت فيه السيرة يزيد على مائتي سنة، بل يمكن الجزم بأنّ اعتمادهم في غالب السنين لم يكن على الشياع ونحوه، بل على الشهادة الشرعيّة.

والثاني غير صحيح؛ لما عرفت من عدم ثبوت الاتّفاق النظريّ في مسائل ثبوت الهلال طيلة هذه الفترة.

الملاحظة الرابعة: لو سلّمنا اتّفاقنا معهم في هذه المسائل نظريّاً، كما إذا اتّفقنا معهم في كفاية البيّنة إذا لم تكن السماء صاحية، إلّا أنّ هذا وحده لا يكفي لثبوته عندنا؛ وذلك للاختلاف في مرحلة التطبيق، فإنّ من يرونه عادلاً يمكن الاعتماد على قوله قد لا نراه كذلك، بل الظاهر أنّ الأمر كذلك دائماً؛ للاختلاف في شروط تحقّق العدالة ونحوها ممّا يعتبر في الشاهد، فكيف يمكن التعويل على ثبوته عندهم؟!

الملاحظة الخامسة: لو سلّمنا جميع ما ذكر لكن مَن قال إنّ الطريقة المتّبعة لثبوت الهلال في العصر الحاضر تختلف عن طريقة الحكّام في عصر المعصومين c؟ ومجرّد كون من بيده الأمر في العصر الحاضر يتبع مذهب أحمد ابن حنبل ــــــ القائل بثبوت الهلال بشاهد أو شاهدين حتّى إذا كانت السماء صاحية واستهلّ جمع كثيرون ولم يدّعوا الرؤية ــــــ فهو حتّى لو كان صحيحاً وفرضنا انفراده بهذا الرأي
ــــــ وهذا ما نشكّ فيه([9])ــــــ فلا يثبت به اختلاف الطريقة دائماً؛ لما عرفت من أنّهم متّفقون على الاكتفاء بشاهدين إذا غمّت الشهور، وفي هذه الحالة لا يوجد اختلاف في طريقة إثبات الهلال في الزمانين، ولازم ذلك أن نعتمد عليهم في الوقت الحاضر كما نعتمد عليهم في الزمان السابق، فلا يمكن تصحيح الطريقة السابقة وتخطئة الطريقة اللاحقة بنحو كلّيّ.

أمّا دعوى وجود ملابسات أخرى تكتنف ثبوت الهلال في العصر الحاضر فيردّها: أنّ ذلك احتمال يمكن تطرّقه إلى ثبوته في العصر السابق أيضاً. مضافاً إلى أنّه ليس دائميّاً، وإنّما يتّفق في بعض السنين.

وعلى كلّ حال، فالطابع العامّ ليس ذلك جزماً، بل هو الأخذ بالموازين الشرعيّة المعتبرة عندهم، وقد عرفت أنّها لا تورث الجزم واليقين، كما أنّها ليست معتبرة عندنا إمّا بحسب النظريّات والمباني، وإمّا باعتبار التطبيق الخارجيّ.

الملاحظة السادسة: الظاهر أنّ انعقاد السيرة على المتابعة والاجتزاء بالعمل الصادر على أساس ذلك ليس مبنيّاً على الفحص عن رأي من بيده أمر ثبوت الهلال، أو رأي مَن يرجع إليه، وهل هو ممّن يتشدّد في ثبوته أو لا؟ وهل يرى الاكتفاء بشاهدين حتّى إذا كانت السماء صاحية أو لا؟ بل الظاهر أنّها منعقدة بقطع النظر عن ذلك كلّه، وإلّا لانعكس علينا؛ لأنّ الفحص والتحقيق قد يستلزم أحياناً عدم المتابعة، ممّا يعني انقطاع السيرة ثمّ عودتها إذا تغيّرت نتيجة الفحص، وهذا يشكّل ظاهرة غريبة لو كانت لبانت، والحال أنّ ما وصل إلينا لا يشير إلى ذلك([10])، بل يشير إلى انعقاد السيرة على المتابعة واستمرارها بلا انقطاع طيلة هذه المدّة الطويلة من دون أيّ إشارة إلى ابتنائها على الفحص المذكور.

الملاحظة السابعة: أنّ ما ذُكر كشاهد على أنّهم يتشدّدون في الهلال ــــــ وهي الرواية التي تتحدّث عن لقاء الإمام الصادق _ مع أبي العبّاس السفّاح([11]) ــــــ ليس تامّاً؛ لأنّه يتوقّف على أن تكون الرواية ناظرة إلى يوم الشكّ من أوّل شهر رمضان، والرواية ليست ظاهرة في ذلك؛ إذ يحتمل أن تكون ناظرة إلى آخر الشهر، بأن يكون ذلك اليوم أوّل شوّال عند السفّاح وآخر شهر رمضان عند الإمام _، وليس في الرواية ما يعيّن الاحتمال الأوّل، بل لعلّ قوله _: «إن صمت صمنا، وإن أفطرت أفطرنا» مؤيّد للاحتمال الثاني؛ لأنّ الإفطار إنّما يكون بعد الصيام، فتكون على عكس المطلوب أدلّ.

هذا مضافاً إلى ضعف الرواية سنداً بالإرسال وغيره. نعم، نقل هذا المضمون بسند لا بأس به، لاحظ الرواية السادسة من نفس الباب.

الملاحظة الثامنة: أنّ عدم ورود مخالفة الوقوف الرسميّ في عرفات لما تقتضيه الموازين الشرعيّة في شيء من الروايات ــــــ حتّى الضعيفة ــــــ لا يصلح شاهداً على عدم هذه المخالفة؛ لأنّه لازم أعمّ؛ إذ يمكن أن يفسّر على أساس وضوح لزوم المتابعة عند الشيعة في زمان الأئمّة c الذي هو زمان التقيّة، ويساهم في هذا الوضوح أخبار التقيّة العامّة الشائعة بين الشيعة، حتّى أصبحت التقيّة من معالم المذهب.

بل يمكن أن يقال ــــــ بعد وضوح أنّ زمان السيرة على المتابعة هو زمان تقيّة ــــــ: إنّ لزوم المتابعة من الأمور المرتكزة في أذهان الشيعة في ذلك الزمان، كما تشير إليه الأخبار الخاصّة التي تأمر بالمتابعة في خصوص مسألة الهلال، مضافاً إلى السيرة العمليّة للأئمّة cوأصحابهم، فإنّهم ملتزمون بأداء فريضة الحجّ وكذا ملتزمون بالمتابعة.

وكلّ هذه الأمور ساهمت في وضوح لزوم المتابعة للسلطان في أمر ثبوت الهلال وما يترتّب عليه بالرغم من احتمال المخالفة، ومع هذا الوضوح لا يكون عدم ورود المخالفة في الأخبار شاهداً على عدمها، خصوصاً إذا علمنا أنّ ما يحصل عادةً هو احتمال المخالفة لا العلم بها، وأنّ عموم الشيعة في ذلك الزمان لا يدقّقون في هذه المسائل مع وجود ما هو حجّة على المتابعة عندهم، وهو ما أشرنا إليه من الأخبار والسيرة العمليّة للأئمّة c وأصحابهم.

والحاصل: أنّ مرجع ما ذكر إلى أنّ المخالفة لو كانت موجودة لانعكست في الأخبار الواصلة إلينا، وحيث إنّنا لا نرى أثراً للمخالفة في الأخبار فلا وجود لها.

ومرجع ما ذكرناه من الجواب إلى إنكار الملازمة؛ إذ يمكن أن تكون المخالفة موجودة ومع ذلك لا يشار إليها في الأخبار إذا فرض وضوح كيفيّة التعامل معها، أي: لزوم المتابعة، وقد عرفت ما هي الأمور التي تساهم في هذا الوضوح.

نعم، قد تكون الملازمة مسلّمة إذا لم نفترض هذا الوضوح، بأن كان هناك تحيّر في كيفيّة التعامل مع المخالفة المذكورة، فإنّه حينئذٍ لا بدّ أن يكثر السؤال والجواب عن الموقف تجاه هذه المخالفة ممّا يستلزم انعكاس ذلك في الأخبار.

وخلاصة القول: أنّ الحجّ يختلف عن الصلاة والصوم وسائر العبادات في أنّه عبادة عامّة وعلنيّة، وتؤدّى من قبل الجميع علناً وفي وقت واحد، ولا يتمكّن المكلّف من الإتيان بها عادةً لوحده بخلاف سائر العبادات، ويترتّب على ذلك أنّ مشكلة المخالفة المذكورة تواجه جميع الشيعة المشتركين في الحجّ حتّى الإمام _، فالمكلّف الشيعيّ لا يواجه هذه المشكلة لوحده، أو في مكان بعيد عن الإمام _ وأصحابه، فإذا رأى أنّ الإمام _ وأصحابه وجميع الشيعة الموجودين في مكّة يحجّون بحجّ السلطان، ويكتفون بما صدر منهم كان ذلك كافياً عنده في حلّ المشكلة واتّضاح الموقف، ولا يرى نفسه بحاجة إلى السؤال والفحص، خصوصاً إذا ضممنا إلى ذلك ما قلناه من أنّ لزوم المتابعة للتقيّة بمعناها الواسع أمر مرتكز في أذهان الشيعة، وإذا كان الأمر بهذا الوضوح كان عدم ورود المخالفة المفترضة في الأخبار أمراً مفهوماً ومبرّراً.

فلا ملازمة بين المخالفة وبين الإشارة إليها في الأخبار حتّى يستكشف من عدم الإشارة عدم المخالفة.

ومنه يظهر عدم جريان ما ذكرناه في سائر العبادات؛ لأنّ المكلّف يواجه المشكلة فيها بشكل منفرد، فإذا لم يكن الموقف واضحاً تجاهها فلا بدّ أن يكثر السؤال والجواب منهم، وبالتالي لا بدّ أن يصل إلينا ما يشير إلى ذلك.

الملاحظة التاسعة: وأمّا رواية أبي الجارود([12]) فالظاهر أنّه لا يمكن إنكار استعمال كلمة (الناس) في الأخبار وعلى لسان أصحاب الأئمّة c في غير الشيعة، والشواهد على ذلك كثيرة، كما أنّ استعمالها في عامّة الناس كذلك، وهو المعنى الحقيقيّ للكلمة، والأوّل مجاز شائع في لسان الروايات.

وعليه فحمل اللفظ على أحد المعنيين يحتاج إلى قرينة، ولعلّ المستدلّ يدّعي وجودها، وهي قول الراوي: (إنّا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى)؛ إذ يستفاد منها أنّ الشكّ مختصّ بالشيعة، ولا شكّ عند غيرهم في الأضحى لأجل ثبوته عندهم، كما يشهد به قوله: (وكان بعض أصحابنا يضحّي) أي: متابعة لهم؛ إذ لا وجه لأن يضحّي إذا لم يثبت عندهم مع وجود الشكّ عند الشيعة. إذن مورد الرواية هو هذا الشكّ الخاصّ، أي: الشكّ عند الشيعة خاصّةً مع ثبوته عند غيرهم، ويكون الجواب ناظراً إلى ذلك، وكلمة (الناس) في الرواية إشارة إلى من ثبت عندهم الأضحى، وتدلّ على لزوم متابعتهم بالرغم من وجود حالة الشكّ في ثبوته واقعاً.

نعم، لو كان المراد بالشكّ مع عدم افتراض ثبوته عند أحد أمكن أن يراد من (الناس) عامّة الناس، ويكون مفاد الرواية مفاد قولهم: (إذا رأته عين رأته أعين)([13]).

ثمّ إنّ ما ذكرناه في مقام الاستدلال يختصّ بصورة الشكّ في المخالفة، وأمّا مع العلم بها فالأدلّة المذكورة قاصرة عن إثبات الصحّة والإجزاء فيها.

أمّا السيرة فلأنّ صورة العلم بالمخالفة حالة نادرة لا تحصل إلّا لبعض الأشخاص في بعض السنين، ومن الواضح أنّ السيرة لا تتحقّق بمثل ذلك، مع أنّ السيرة لا إطلاق لها، فيقتصر على المتيقّن منها، وهو صورة الشكّ.

وأمّا رواية أبي الجارود فلأنّ موردها الشكّ، كما صرّح به فيها.

ومنه يظهر صحّة القول الثالث، وهو التفصيل بين احتمال المطابقة للواقع وبين العلم بالخلاف، فيجزي في الأوّل دون الثاني.

 

؀   ؀   ؀

 

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.

 

 

 

 

 

مصادر البحث

1.    الأصل: أبو عبد الله محمّد بن الحسن بن فرقد الشيبانيّ (ت ١٨٩هـ)، تحقيق ودراسة: د محمّد بوينوكالن، الناشر: دار ابن حزم ــــ بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٣٣هـ ــــ ٢٠١٢م.

2.    بداية المجتهد ونهاية المقتصد: أبو الوليد محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد ابن رشد القرطبيّ الشهير بابن رشد الحفيد (ت ٥٩٥هـ)، الناشر: دار الحديث ــــ القاهرة، الطبعة بدون طبعة، تاريخ النشر: ١٤٢٥هـ ــــ ٢٠٠٤م.

3.    تحفة الفقهاء وهي أصل: (بدائع الصنائع) للكاسانيّ: علاء الدين السمرقنديّ (ت ٥٣٩هـ)، الناشر: دار الكتب العلميّة، بيروت ــــ لبنان، الطبعة الثانية، ١٤١٤هـ ــــ ١٩٩٤م.

4.    شرح مختصر الطحاويّ: أبو بكر الرازيّ الجصّاص (٣٠٥ ــــ ٣٧٠ هـ)، تحقيق: مجموعة طلبة رسائل دكتوراه في الفقه، كلّيّة الشريعة، جامعة أم القرى مكّة المكرّمة، أعدّ الكتاب للطباعة وراجعه وصحّحه: أ. د. سائد بكداش، الناشر: دار البشائر الإسلاميّة، ودار السراج، الطبعة الأولى، ١٤٣١هـ ــــ٢٠١٠م.

5.    فهرست أسماء مصنّفي الشيعة (رجال النجاشيّ): الشيخ أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشيّ الأسديّ الكوفيّ (ت450هـ)، تحقيق: السيّد موسى الشبيريّ الزنجانيّ، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين ب‍ـقم المشـرّفة، الطبعة الخامسة، 1416هـ.

6.    الكافي في فقه أهل المدينة: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ بن عاصم النمريّ القرطبيّ (ت ٤٦٣هـ)، تحقيق: محمّد محمّد أحيد ولد ماديك الموريتانيّ، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ــــ الرياض ــــ المملكة العربيّة السعوديّة، الطبعة الثانية ـــــ ١٤٠٠هـ/١٩٨٠م.

7.    كتاب الرجال: الشيخ أحمد بن الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم أبي الحسين الواسطيّ البغداديّ المعروف بـ(ابن الغضائريّ ق5)، تحقيق: السيّد محمَّد رضا الحسينيّ الجلاليّ، الناشر: مؤسّسة دار الحديث الثقافيّة، قم، إيران، الطبعة الأولى، 1422 هـ. ق، المطبعة: سرور.

8.    المبسوط: الشيخ شمس الدين السرخسيّ الحنفيّ (ت483هـ)، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ــــ بيروت ــــ لبنان، سنة الطبع: 1406هـ ــــ 1986م.

9.    المصنّف: أبو بكر عبد الرزّاق بن همام الصنعانيّ، تحقيق ودراسة: مركز البحوث وتقنية المعلومات ــــ دار التأصيل، الناشر: دار التأصيل، الطبعة الثانية، ١٤٣٧هـ ــــ ٢٠١٣م.

10.  معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة: السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ (ت 1413هـ)، الطبعة الخامسة، طبعة منقّحة ومزيدة 1413هـ‍ ــــ 1992م.

11.  وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: الشيخ المحدّث محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ المعروف بـ(الشيخ الحرّ ت1104هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت Œ لإحياء التراث ــــ قم المشرّفة، الطبعة الثانية ــــ 1414 هـ‍. ق المطبعة: مهر ــــ قم.

 

 

 

 



[1]) ) مثل الروايات الواردة في وسائل الشيعة: 10/ 131 وما بعدها، باب 57 (جواز الإفطار للتقيّة والخوف من القتل..)، من أبواب ما يمسك عنه الصائم ونحوها، مضافاً إلى ما سنذكره من الملاحظات.

[2]) ) مناسك الحجّ وملحقاتها (للسيّد السيستانيّ C): 226 ـــــ 227، هامش مسألة 371. (الطبعة القديمة).

[3])) قال السرخسيّ (المتوفّى سنة 483هـ): (فأمّا إذا لم يكن بالسماء علّة فلا تقبل شهادة الواحد والمثنّى حتّى يكون أمراً مشهوراً ظاهراً في هلال رمضان، وهكذا في هلال الفطر في رواية هذا الكتاب، وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة قال: تقبل فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين بمنزلة حقوق العباد). المبسوط: 3 / 140.

ومثله ما ذكره ابن رشد القرطبيّ (المتوفّى سنة 595هـ)، قال: (وقال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيّمة قُبل واحد، وإن كانت صاحية بمصر كبير لم تقبل إلّا شهادة الجمّ الغفير. وروي عنه أنّه تقبل شهادة عدلين إذا كانت السماء مصحية). بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 2/ 48.

وأمّا الشاهد الذي ذُكر على التشدّد في العصر الأمويّ ـــــ وهي قضية سالم بن عبد الله ـــــ فقد يردّه ما حكاه عبد الرزّاق الصنعانيّ (المتوفّى سنة 211 هـ) عن الخليفة الأمويّ عمر بن عبد العزيز من أنّه (كان يجيز على رؤية الهلال بالصوم رجلاً واحداً، ولا يجيز على الفطر إلّا رجلين). المصنّف: 4/ 465، ح7577.

[4]) ) الأصل: 2/ 201.

[5]) ) أصل الكتاب لأبي جعفر الطحاويّ (المتوفّى سنة 321 هـ).

[6]) ) شرح مختصر الطحاويّ: 2/ 455.

[7]) ) المصدر السابق: 2/ 457.

[8])) تحفة الفقهاء: 1/ 347.

[9])) قال ابن عبد البرّ النمريّ القرطبيّ (المتوفّى 463هـ): (إن كانت السماء صاحية لا حائل دون منظر الهلال فيها فزعم رجلان عدلان أنّهما رأياه بمصر جامع، فقد قيل: يحكم بشهادتهما على الناس بالصيام كما يحكم بمثل تلك الشهادة في سائر الأحكام، وقد قيل: إنّ انفرادهما في الصحو دون الناس بما زعماه موضع ظنّة، ولا تقبل شهادة ظنين. ومن قال هذا من أصحاب مالك وغيرهم يقول: إنّه لا يقبل في الصحو إلّا الجمّ الغفير والعدد الكثير، وإنّما يقبل الرجلان ´ في علّة الغيم وشبهه. والأوّل تحصيل مذهب مالك، وهو المشهور عنه وعليه العمل). الكافي في فقه أهل المدينة: 1/ 334.

وذكر ابن رشد القرطبيّ (المتوفّى 595هـ): (وأمّا طريق الخبر فإنّهم اختلفوا في عدد المخبرين الذين يجب قبول خبرهم عن الرؤية في صفتهم: فأمّا مالك فقال: إنّه لا يجوز أن يصام ولا يفطر بأقلّ من شهادة رجلين عدلين. وقال الشافعيّ في رواية المزنيّ: إنّه يصام بشهادة رجل واحد على الرؤية، ولا يفطر بأقلّ من شهادة رجلين. وقال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيّمة قُبل واحد، وإن كانت صاحية بمصر كبير لم تقبل إلّا شهادة الجمّ الغفير. وروي عنه أنّه تقبل شهادة عدلين إذا كانت السماء مصحية. وقد روي عن مالك: أنّه لا تقبل شهادة الشاهدين إلّا إذا كانت السماء مغيّمة). بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 2/ 48.

[10])) والقائل بعدم الإجزاء لا يستطيع أن يفسّر خلوّ الروايات من الفحص إلّا بأن يقول: إنّ المتشرّعة في ذلك الزمان وفي كلّ سنة كانوا يعلمون رأي الحاكم بالهلال وأنّه يتشدّد فيه. والظنّ بذلك فضلاً عن الاحتمال لا يكفي لتفسير خلوّ الروايات من الفحص، وهذا ــــــ مضافاً إلى أنّه يحتاج إلى إثبات ــــــ بعيد جدّاً.

[11])) مرسلة رفاعة، عن رجل، عن أبي عبد الله _ قال: «دخلت على أبي العبّاس بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال: ذاك إلى الإمام، إن صمت صمنا، وإن أفطرت أفطرنا، فقال: يا غلام، عليّ بالمائدة، فأكلت معه وأنا أعلم ــــ والله ــــ أنّه يوم من شهر´ رمضان، فكان إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليَّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله». وسائل الشيعة: 10/ 132، ب57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح 5.

[12])) قال: سألت أبا جعفر _: إنّا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى، فلمّا دخلت على أبي جعفر _ وكان بعض أصحابنا يضحّي، فقال: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحّي الناس، والصوم يوم يصوم الناس» وسائل الشيعة: 10/ 133، ب57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح 7.

وأبو الجارود زيديّ، فيه كلام. استدلّ السيّد الخوئيّ N على وثاقته بشهادة المفيد في رسالته العدديّة بأنّه من المشايخ العظام المأخوذ عنهم الحلال والحرام، وبوقوعه في أسانيد تفسير عليّ ابن إبراهيم القمّيّ. (معجم رجال الحديث: 8/ 335)، وكلاهما محلّ مناقشة.

نعم، يظهر من ابن الغضائريّ كونه معتمداً، قال: (وزياد هو صاحب المقام، حديثه في حديث أصحابنا أكثر منه في الزيديّة، وأصحابنا يكرهون ما رواه محمّد بن سنان عنه، ويعتمدون ما رواه محمّد بن بكر الأرجنيّ (الأرحبيّ)). رجال ابن الغضائريّ: 61.

ولا ينافيه كون الراوي زيديّاً؛ لأنّ خروج زيد متأخّر عن وفاة الإمام الباقر _ بسبع سنين، أي: أنّه لم يكن زيديّاً في حياة الإمام الباقر _، وقد أشير إلى ذلك في ترجمته، قال النجاشيّ: (كان من أصحاب أبي جعفر _، وروى عن أبي عبد الله _، وتغيّر لمّا خرج زيدm ). رجال النجاشيّ: 170.

([13]) إشارة إلى قوله _: «إذا رآه واحد رآه مائة، وإذا رآه مائة رآه ألف». يلاحظ: وسائل الشيعة: 10/ 289، ب11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح10.